تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{۞وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَآ إِبۡرَٰهِيمَ رُشۡدَهُۥ مِن قَبۡلُ وَكُنَّا بِهِۦ عَٰلِمِينَ} (51)

الآية 51 : وقوله تعالى : { ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل } قال{[12670]} الحسن : { رشده } دينه وهداه . وقال غيره : { رشده } النبوة . ويشبه أن يكون قوله : { ولقد آتينا إبراهيم رشده } حججه وبراهينه التي حاج بها قومه على غير تعليم من أحد .

وفيه دلالة أن ليس كلا رشد وهدى بيانا{[12671]} ، لأنه لو كان كله بيانا{[12672]} لم يكن لتخصيص إبراهيم بالرشد كثير معنى ؛ إذ هو في ذلك وغيره من الكفرة والفراعنة سواء . فدل قوله : { ولقد آتينا إبراهيم رشده } أنه يكون من الله للمهتدين فضل صنع ، ليس ذلك في الكافرين ، وهو التوفيق والعصمة .

وقوله تعالى : { من قبل } قال بعضهم : من قبل الأوقات التي يعطي البشر الرشد ، وهو حال الصغر ، ويحتمل قوله : { من قبل } أي من قبل محمد . وقال بعضهم : { من قبل } موسى وهارون . ويحتمل { ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل } قبل إيمان أهل الأديان كلها ، لأن جميع أهل الأديان يدعون أنهم على دين إبراهيم ، فلا يحتمل أن يكون دينه ورشده الذي آتاه الله هو كل ذلك ، بل إنما ذلك واحد{[12673]} . فوجب النظر فيه والتأمل في ذلك ليظهر الدين الذي كان عليه إبراهيم .

وقوله تعالى : { وكنا به عالمين } يحتمل قوله{ وكنا به عالمين } أي كنا بجميع ما يكون من إبراهيم عالمين .


[12670]:في الأصل و م: وقال.
[12671]:في الأصل و م: بيان.
[12672]:في الأصل و م: بيان.
[12673]:في الأصل و م: واحد.