المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّۚ إِن يَشَأۡ يُذۡهِبۡكُمۡ وَيَأۡتِ بِخَلۡقٖ جَدِيدٖ} (19)

19- ألم تعلم - أيها المخاطب - أن الله تعالى خلق السماوات والأرض لتقوما على الحق بمقتضى حكمته ، ومن قدر على هذا كان قادراً على إهلاككم أيها الكافرون والإتيان بخلق جديد غيركم يعترفون بوجوده ووحدانيته إذا شاء .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّۚ إِن يَشَأۡ يُذۡهِبۡكُمۡ وَيَأۡتِ بِخَلۡقٖ جَدِيدٖ} (19)

ثم يلتقي مع مشهد الرماد المتطاير ظل آخر في الآية التالية ، التي يلتفت فيها السياق من مصائر المكذبين السابقين إلى المكذبين من قريش ، يهددهم بإذهابهم والإتيان بخلق جديد :

( ألم تر أن الله خلق السماوات والأرض بالحق . إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد . وما ذلك على الله بعزيز ) . .

والانتقال من حديث الإيمان والكفر ، ومن قضية الرسل والجاهلية إلى مشهد السماوات والأرض . . هو انتقال طبيعي في المنهج القرآني كما أنه انتقال طبيعي في مشاعر الفطرة البشرية يدل على ربانية هذا المنهج القرآني . .

إن بين فطرة الكائن الإنساني وبين هذا الكون لغة سرية مفهومة ! . . إن فطرته تتلاقى مباشرة مع السر الكامن وراء هذا الكون بمجرد الاتجاه إليه والتقاط إيقاعاته ودلالاته !

والذين يرون هذا الكون ثم لا تسمع فطرتهم هذه الإيقاعات وهذه الإيحاءات هم أفراد معطلو الفطرة . في كيانهم خلل تعطلت به أجهزة الاستقبال الفطرية . كما تصاب الحواس بالتعطل نتيجة لآفة تصيبها . . كما تصاب العين بالعمى ، والأذن بالصم ، واللسان بالبكم ! . . إنهم أجهزة تالفة لا تصلح للتلقي ؛ ومن باب أولى لا تصلح للقيادة والزعامة ! . . ومن هؤلاء كل أصحاب التفكير المادي - الذي يسمونه " المذاهب العلمية " كذبا وافتراء . . إن العلم لا يتفق مع تعطل أجهزة الاستقبال الفطرية وفساد أجهزة الاتصال الإنسانية بالكون كله ! إنهم الذين يسميهم القرآن بالعمي . . وما يمكن أن تقام الحياة الإنسانية على مذهب أو رأي أو نظام يراه أعمى ! ! !

إن خلق السماوات والأرض بالحق يوحي بالقدرة كما يوحي بالثبات . فالحق ثابت مستقر حتى في جرسه اللفظي . . ذلك في مقابل الرماد المتطاير إلى بعيد . وفي مقابل الضلال البعيد .

وفي ضوء مصير المعاندين الجبارين في معركة الحق والباطل يجيء التهديد :

( إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد ) . .

والقادر على خلق السماوات والأرض ، قادر على استخلاف جنس غير هذا الجنس في الأرض . واستخلاف قوم مكان قوم من أقوام هذا الجنس . وظل الذهاب بالقوم يتسق من بعيد مع ظل الرماد المتطاير الذاهب إلى الفناء .

/خ27

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّۚ إِن يَشَأۡ يُذۡهِبۡكُمۡ وَيَأۡتِ بِخَلۡقٖ جَدِيدٖ} (19)

وقرأ السلمي : «ألم تر » بسكون الراء ، بمعنى ألم تعلم من رؤية القلب . وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر : «خلق السماوات » وقرأ حمزة والكسائي «خالق السماوات » فوجه الأولى : أنه فعل قد مضى ، فذكر كذلك ، ووجه الثانية : أنه ك { فاطر السماوات والأرض }{[7042]} [ الأنعام : 14 يوسف : 101 إبراهيم : 10 الزمر : 46 الشورى : 11 ] و { فالق الإصباح }{[7043]} [ الأنعام : 96 ] .

وقوله : { بالحق } أي بما يحق في جوده ، ومن جهة مصالح عباده ، وإنفاذ سابق قضائه ، ولتدل عليه وعلى قدرته . ثم توعد تبارك وتعالى بقوله : { إن يشأ يذهبكم } أي يعدمكم ويطمس آثاركم . وقوله : { بخلق جديد } يصح أن يريد : من فرق بني آدم ، ويصح غير ذلك .


[7042]:من الآية (1) من سورة (فاطر).
[7043]:من الآية (95) من سورة (الأنعام).