تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّۚ إِن يَشَأۡ يُذۡهِبۡكُمۡ وَيَأۡتِ بِخَلۡقٖ جَدِيدٖ} (19)

{ ألم تر أن الله خلق السماوات والأرض بالحق إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد19 وما ذلك على الله بعزيز20 وبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء قالوا لو هدانا الله لهديناكم سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص21 } .

المفردات :

ألم تر : أي : ألم تعلم ، والاستفهام للتقرير ، أي : لقد علمت أيها المخاطب ، فاشهد بما تعلم .

بالحق : أي : بالأمر الثابت ، وهو الحكمة المنزهة عن العبث .

يذهبكم : يفنكم حتى لا يبقى لكم أثر .

التفسير :

19 { ألم تر أن الله خلق السماوات والأرض بالحق } .

ألم تعلم أيها العاقل أن الله جلت قدرته ، { خلق السماوات والأرض بالحق } . أي : بالحكمة البالغة المنزهة عن العبث ، وبالوجه الصحيح الذي تقتضيه إرادته ؛ ليستدل بهذا الخلق البديع المنظم على كمال القدرة ، وجلال الوحدانية ، وليتأمل الإنسان في هذا الكون ونظامه ، وما فيه من إبداع وجمال وتناسق وتكامل ، ثم يقول : { ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك } . ( آل عمران : 191 ) ، أي : لم تخلقه عبثا ، بل خلقته بالحق .

{ إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد } .

إن يشأ الله سبحانه إهلاككم أيها المكذبون ؛ يهلككم حتى لا يبقى منكم أحد ، { ويأت بخلق جديد } . أطوع لله منكم ، فإن من قدر على خلق هاتيك الأجرام العظيمة ، البالغة حدا كبيرا في الدقة والنظام والإبداع ، قادر على إهلاك الناس ، والإتيان بخلق جديد ، أطوع لله من السابقين .

قال تعالى : { يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد* إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد* وما ذلك على الله بعزيز } . ( فاطر 15 17 ) .

وقال تعالى : { إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديرا } . ( النساء : 133 ) .

إن قدرة الله صفة وجودية قديمة قائمة بذاته تعالى ، فالكون جميعه في قبضته وفي تصرفه ، وكل شيء في الوجود متمثل لأمره ، قال تعالى : { إن الله على كل شيء قدير } . ( البقرة : 20 ) .

وقال سبحانه : { إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون } . ( يس : 82 ) .