ثم يقررون تصورهم لحقيقة الهدى والضلال ، والجزاء على الهدى والضلال :
( وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون . فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا . وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا ) . .
والقاسطون : الجائرون المجانبون للعدل والصلاح . وقد جعلهم هذا النفر من الجن فريقا يقابل المسلمين . وفي هذا إيماءة لطيفة بليغة المدلول . فالمسلم عادل مصلح ، يقابله القاسط : الجائر المفسد . .
( فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا ) . . والتعبير بلفظ( تحروا )يوحي بأن الاهتداء إلى الإسلام معناه الدقة في طلب الرشد والاهتداء - ضد الغي والضلال - ومعناه تحري الصواب واختياره عن معرفة وقصد بعد تبين ووضوح . وليس هو خبط عشواء ولا انسياقا بغير إدراك . ومعناه أنهم وصلوا فعلا إلى الصواب حين اختاروا الإسلام . . وهو معنى دقيق وجميل . .
وقسم الله تعالى بعد ذلك حال الناس في الآخرة على نحو ما قسم قائل الجن ، فقوله : { وأنّا منا المسلمون ومنا القاسطون } والقاسط : الظالم ، قاله مجاهد وقتادة والناس ، ومنه قول الشاعر : [ الكامل ]
قوم همُ قتلوا ابن هند عنوة*** عمراً وهم قسطوا على النعمان{[11370]}
والمقسط : العادل ، وإنما هذا التقسيم ليذكر حال الطريقين من النجاة والهلكة ، ويرغب في الإسلام من لم يدخل فيه ، فالوجه أن يكون { فمن أسلم } ، مخاطبة من الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم ، ويؤيده ما بعده من الآيات ، و { تحروا } : معناه طلبوا باجتهادهم ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : «لا تتحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها »{[11371]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.