المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَلَنَسۡـَٔلَنَّ ٱلَّذِينَ أُرۡسِلَ إِلَيۡهِمۡ وَلَنَسۡـَٔلَنَّ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (6)

6- وسيكون حساب الله يوم القيامة دقيقاً عادلاً ، فلنسألن الناس الذين أرسلت إليهم الرسل : هل بلغتهم الرسالة ؟ وبماذا أجابوا المرسلين ؟ ولنسألن الرسل أيضاً : هل بلغتم ما أنزل إليكم من ربكم ؟ وبماذا أجابكم أقوامكم ؟

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَلَنَسۡـَٔلَنَّ ٱلَّذِينَ أُرۡسِلَ إِلَيۡهِمۡ وَلَنَسۡـَٔلَنَّ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (6)

بينما المشهد هكذا معروضاً في الدنيا إذا السياق ينتقل ، وينقل معه السامعين من فوره إلى ساحة الآخرة . بلا توقف ولا فاصل . فالشريط المعروض موصول المشاهد ، والنقلة تتخطى الزمان والمكان ، وتصل الدنيا بالآخرة ، وتلحق عذاب الدنيا بعذاب الآخرة ؛ وإذا الموقف هناك في لمحة خاطفة :

( فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين . فلنقصن عليهم بعلم ، وما كنا غائبين . والوزن يومئذ الحق . فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون . ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون ) . .

إن التعبير على هذا النحو المصور الموحي ، خاصية من خواص القرآن . . إن الرحلة في الأرض كلها تطوى في لمحة . وفي سطر من كتاب . لتلتحم الدنيا بالآخرة ؛ ويتصل البدء بالختام !

فإذا وقف هؤلاء الذين تعرضوا لبأس الله في هذه الأرض وقفتهم هناك للسؤال والحساب والجزاء ، فإنه لا يكتفى باعترافهم ذاك حين واجهوا بأس الله الذي أخذهم وهم غارون : ( إنا كنا ظالمين ) . .

ولكنه السؤال الجديد ، والتشهير بهم على الملأ الحاشد في ذلك اليوم المشهود :

( فلنسألن الذين أرسل إليهم ، ولنسألن المرسلين . فلنقصن عليهم بعلم - وما كنا غائبين )

فهو السؤال الدقيق الوافي ، يشمل المرسل إليهم ويشمل المرسلين . . وتعرض فيه القصة كلها على الملأ الحاشد ؛ وتفصل فيه الخفايا والدقائق ! . . يسأل الذين جاءهم الرسل فيعترفون . ويسأل الرسل فيجيبون .

/خ25

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَلَنَسۡـَٔلَنَّ ٱلَّذِينَ أُرۡسِلَ إِلَيۡهِمۡ وَلَنَسۡـَٔلَنَّ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (6)

وقوله : { فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ } الآية ، كقوله [ تعالى ]{[11552]} { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ } [ القصص : 65 ] وقوله : { يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ } [ المائدة : 109 ] فالرَّبُّ تبارك وتعالى يوم القيامة يسأل الأمم عما أجابوا رسله فيما أرسلهم به ، ويسأل الرسل أيضا عن إبلاغ{[11553]} رسالاته ؛ ولهذا قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، في تفسير هذه الآية : { فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ } قال : يسأل الله الناس عما أجابوا المرسلين ، ويسأل المرسلين عما بلغوا .

وقال ابن مَرْدُويه : حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، حدثنا أبو سعيد الكنْدي ، حدثنا المحاربي ، عن لَيْث ، عن نافع ، عن ابن عمر [ رضي الله عنهما ]{[11554]} قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كلكم رَاعٍ وكلكم مسئول عن رَعِيَّتِهِ ، فالإمام يُسْأل عن الرجل{[11555]} والرجل يسأل عن أهله{[11556]} والمرأة تسأل عن بيت زوجها ، والعبد يسأل عن مال سيده " . قال الليث : وحدثني ابن طاوس ، مثله ، ثم قرأ : { فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ }{[11557]} .

وهذا الحديث مُخَرَّجٌ في الصحيحين بدون هذه الزيادة{[11558]}


[11552]:زيادة من ك، م، أ.
[11553]:في ك، م: "بلاغ".
[11554]:زيادة من أ.
[11555]:في ك: "عن رعيته".
[11556]:في أ: "أهل بيته".
[11557]:وفي إسناده عبد الرحمن بن محمد المحاربي، قال ابن معين: يروى المناكير عن المجهولين، ولكن روي من وجه آخر عن نافع عن ابن عمر وفي الصحيحين.
[11558]:صحيح البخاري برقم (5188) وصحيح مسلم برقم (1829).
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَلَنَسۡـَٔلَنَّ ٱلَّذِينَ أُرۡسِلَ إِلَيۡهِمۡ وَلَنَسۡـَٔلَنَّ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (6)

وقوله تعالى : { فلنسئلن الذين أرسل إليهم } الآية وعيد من الله عز وجل لجميع العالم ، أخبر أنه يسأل الأمم أجمع عما بلغ إليهم عنه وعن جميع أعمالهم ويسأل النبيين عما بلغوا .

قال القاضي أبو محمد : وقد ُنفي السؤال في آيات وذلك هو سؤال الاستفهام الحقيقي . وقد ُأثبت في آيات كهذه الآية وهذا هو سؤال التقرير ، فإن الله قد أحاط علماً بكل ذلك قبل السؤال فأما الأنبياء والمؤمنون فيعقبهم جوابهم رحمة وكرامة ، وأما الكفار ومن نفذ عليه الوعيد من العصاة فيعقبهم جوابهم عذاباً وتوبيخاً ، فمن أنكر منهم قص عليه بعلم ، وقرأ ابن مسعود ابن عباس «فلنسألن الذين أرسلنا إليهم قبلك رسلنا ولنسألن المرسلين » .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَلَنَسۡـَٔلَنَّ ٱلَّذِينَ أُرۡسِلَ إِلَيۡهِمۡ وَلَنَسۡـَٔلَنَّ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (6)

الفاء في قوله : { فلنسألن } عاطفة ، لِترتيب الأخبار لأنّ وجود لام القسم علامة على أنّه كلام أنُفٌ انتقال من خبر إلى خبر ، ومن قصة إلى قصة وهو انتقالٌ من الخبر عن حَالتهم الدنيوية إلى الخبر عن أحوالهم في الآخرة .

وأكّد الخبر بلام القسم ونون التّوكيد لإزالة الشكّ في ذلك .

وسؤال الذين أرسل إليهم سُؤال عن بلوغ الرّسالة . وهو سؤال تقريع في ذلك المحشر ، قال تعالى : { ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين } [ القصص : 65 ] .

وسؤال المرسلين عن تبليغهم الرّسالة سؤال إرهاب لأمُمِهم ، لأنّهم إذا سمعوا شهادة رسلهم عليهم أيقنوا بأنّهم مسوقون إلى العذاب ، وقد تقدّم ذلك في قوله : { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد } [ النساء : 41 ] وقوله { يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم } [ المائدة : 109 ] .

و { الذين أرسل إليهم } ، هم أمم الرّسل ، وعبّر عنهم بالموصول لما تدُلّ عليه الصّلة من التّعليل ، فإن فائدة الإرسال هي إجابة الرّسل ، فلا جرم أن يسأل عن ذلك المُرسَل إليهم ، ولمّا كان المقصود الأهمّ من السّؤال هو الأمم ، لإقامة الحجّة عليهم في استحقاق العقاب ، قُدّم ذكرهم على ذكر الرّسل ، ولما تدُلّ عليه صلة ( الذي ) وصلة ( ال ) من أنّ المسؤول عنه هو ما يتعلّق بأمر الرّسالةِ ، وهو سؤال الفريقين عن وقوع التّبليغ .

ولَمَّا دلّ على هذا المعنى التّعبيرُ : ب { الذين أرسل إليهم } والتّعبيرُ : ب { المرسلين } لم يحتجّ إلى ذكر جواب المسؤولين لظهور أنّه إثبات التّبليغ والبلاغ .