فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَلَنَسۡـَٔلَنَّ ٱلَّذِينَ أُرۡسِلَ إِلَيۡهِمۡ وَلَنَسۡـَٔلَنَّ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (6)

قوله : { فَلَنَسْأَلَنَّ الذين أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ } هذا وعيد شديد ، والسؤال للقوم الذين أرسل الله إليهم الرسل من الأمم السالفة للتقريع والتوبيخ ، واللام لام القسم ، أي لنسألنهم عما أجابوا به رسلهم عند دعوتهم ، والفاء لترتيب الأحوال الأخروية على الأحوال الدنيوية { وَلَنَسْأَلَنَّ المرسلين } أي الأنبياء الذين بعثهم الله ، أي نسألهم عما أجاب به أممهم عليهم ، ومن أطاع منهم ومن عصى . وقيل المعنى : فلنسألن الذين أرسل إليهم ، يعني الأنبياء ، ولنسألن المرسلين ، يعني الملائكة ، ولا يعارض هذا قول الله سبحانه : { وَلاَ يسأَل عَن ذُنُوبِهِمُ المجرمون } لما قدّمنا غير مرة أن الآخرة مواطن ، ففي موطن يسألون ، وفي موطن لا يسألون ، وهكذا سائر ما ورد مما ظاهره التعارض بأن أثبت تارة ونفى أخرى ، بالنسبة إلى يوم القيامة ، فإنه محمول على تعدّد المواقف مع طول ذلك اليوم طولاً عظيماً .

/خ7