المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَقَدۡ كَذَّبُواْ بِٱلۡحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمۡ فَسَوۡفَ يَأۡتِيهِمۡ أَنۢبَـٰٓؤُاْ مَا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (5)

5- فقد كذبوا بالقرآن حين جاءهم ، وهو حق لا يأتيه الباطل . فسوف يحل بهم ما أخبر به القرآن من عقاب الدنيا وعذاب الآخرة ، ويتبين لهم صدق وعيده الذي كانوا يسخرون منه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَقَدۡ كَذَّبُواْ بِٱلۡحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمۡ فَسَوۡفَ يَأۡتِيهِمۡ أَنۢبَـٰٓؤُاْ مَا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (5)

4

وحين يكون الأمر كذلك . حين يكون الإعراض متعمدا ومقصودا - مع توافر الأدلة ، وتواتر الآيات ووضوح الحقائق - فإن التهديد بالبطش قد يحدث الهزة التي تفتح نوافذ الفطرة حين تسقط عنها حاجز الكبر والعناد :

( فقد كذبوا بالحق لما جاءهم . فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزؤون ) . .

إنه الحق هذا الذي جاءهم من لدن خالق السماوات والأرض ، وجاعل الظلمات والنور ، وخالق الإنسان من طين ، والإله في السماوات وفي الأرض الذي يعلم سرهم وجهرهم ويعلم ما يكسبون . . إنه الحق وقد كذبوا به ، مصرين على التكذيب ، معرضين عن الآيات ، مستهزئين بالدعوة إلى الإيمان . . فليرتقبوا إذن أن يأتيهم الخبر اليقين عما كانوا به يستهزئون !

ويتركهم أمام هذا التهديد المجمل ، الذي لا يعرفون نوعه ولا موعده . . يتركهم يتوقعون في كل لحظة أن تأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون ! حيث يتكشف لهم الحق أمام العذاب المرتقب المجهول !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَقَدۡ كَذَّبُواْ بِٱلۡحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمۡ فَسَوۡفَ يَأۡتِيهِمۡ أَنۢبَـٰٓؤُاْ مَا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (5)

قال الله تعالى : { فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } وهذا تهديد لهم ووعيد شديد على تكذيبهم بالحق ، بأنه لا بد أن يأتيهم خبر ما هم فيه من التكذيب ، وليجدُنَّ غبه ، وليذوقُنَّ وَباله .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَقَدۡ كَذَّبُواْ بِٱلۡحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمۡ فَسَوۡفَ يَأۡتِيهِمۡ أَنۢبَـٰٓؤُاْ مَا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (5)

{ فقد كذبوا بالحق لما جاءهم } يعني القرآن وهو كاللازم ما قبله كأنه قيل : إنهم لما كانوا معرضين عن الآيات كلها كذبوا بها لما جاءهم ، أو كدليل عليه على معنى أنهم لما أعرضوا عن القرآن وكذبوا به وهو أعظم الآيات فكيف لا يعرضون عن غيره ، ولذلك رتب عليه بالفاء . { فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون } أي سيظهر لهم ما كانوا به يستهزئون عند نزول العذاب بهم في الدنيا والآخرة ، أو عند ظهور الإسلام وارتفاع أمره .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَقَدۡ كَذَّبُواْ بِٱلۡحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمۡ فَسَوۡفَ يَأۡتِيهِمۡ أَنۢبَـٰٓؤُاْ مَا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (5)

ثم اقتضت الفاء في قوله { فقد } أن إعراضهم عن الآيات قد أعقب أن كذبوا بالحق وهو محمد عليه السلام وما جاء به ، ثم توعدهم بأن يأتيهم عقاب استهزائهم ، و { ما } بمعنى الذي ، ويصح أن تكون مصدرية ، وفي الكلام حذف مضاف تقديره يأتيهم مضمن أنباء القرآن الذي كانوا به يستهزئون ، وإن جعلت { ما } مصدرية فالتقدير يأتيهم نبأ كونهم مستهزئين ، أي : عقاب يخبرون أنه على ذلك الاستهزاء ، وهذه العقوبات التي توعدوا بها تعم عقوبات الدنيا كبدر وغيرها وعقوبات الآخرة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَقَدۡ كَذَّبُواْ بِٱلۡحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمۡ فَسَوۡفَ يَأۡتِيهِمۡ أَنۢبَـٰٓؤُاْ مَا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (5)

الفاء فصيحة على الأظهر أفصحت عن كلام مقدّر نشأ عن قوله : { إلا كانوا عنها معرضين } ، أي إذا تقرّر هذا الإعراض ثبت أنّهم كذّبوا بالحقّ لمّا جاءهم من عند الله ، فإنّ الإعراض علامة على التكذيب ، كما قدّمته آنفاً ، فما بعد فاء الفصيحة هو الجزاء . ومعناه أنّ من المعلوم سوء عواقب الذين كذّبوا بالحق الآتي من عند الله فلمّا تقرّر في الآية السابقة أنّهم أعرضوا آيات الله فقد ثبت أنّهم كذّبوا بالحقّ الوارد من الله ، ولذلك فرّع عليه قوله : { فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون } تأكيداً لوعد المؤمنين بالنصر وإظهار الإسلام على الدين كلّ وإنذار للمشركين بأن سيحلّ بهم ما حلّ بالأمم الذين كذّبوا رسلهم ممّن عرفوا مثل عاد وثمود وأصحاب الرسّ .

وبهذا التقدير لم تكن حاجة إلى جعل الفاء تفريعاً محضاً وجعل ما بعدها علّة لجزاء محذوف مدلول عليه بعلّته كما هو ظاهر « الكشاف » ، وهي مضمون { فقد كذّبوا } بأن يقدّر : فلا تعجب فقد كذّبوا بالقرآن ، لأنّ من قدّر ذلك أوهمه أنّ تكذيبهم المراد هو تكذيبهم بالآيات التي أعرضوا عنها ما عدا آية القرآن . وهذا تخصيص لعموم قوله : { من آية } بلا مخصّص ، فإنّ القرآن من جملة الآيات بل هو المقصود أولاً ، وقد علمت أنّ { فقد كذّبوا } هو الجزاء وأنّ له موقعاً عظيماً من بلاغة الإيجاز ، على أنّ ذلك التقدير يقتضي أن يكون المراد من الآيات في قوله : { من آيات ربّهم } ما عدا القرآن . وهو تخصيص لا يناسب مقام كون القرآن أعظمها .

والفاء في قوله : { فسوف } فاء التسبّب على قوله : { كذّبوا بالحقّ } ، أي يترتّب على ذلك إصابتهم بما توعّدهم به الله .

وحرف التسويف هنا لتأكيد حصول ذلك في المستقبل . واستعمل الإتيان هنا في الإصابة والحصول على سبيل الاستعارة . والأنباء جمع نبأ ، وهو الخبر الذي ب أهميّة . وأطلق تحقّق نبئِه ، لأنّ النبأ نفسه قد علم من قبل .

و { ما كانوا به يستهزئون } هو القرآن ، كقوله تعالى : { ذلكم بأنّكم اتَّخذتم آيات الله هزؤاً } فإنّ القرآن مشتمل على وعيدهم بعذاب الدنيا بالسيف ، وعذاب الآخرة . فتلك أنباءٌ أنبأهم بها فكذبّوه واستهزؤا به فتوعّدهم الله بأنّ تلك الأنباء سيصيبهم مضمونها . فلمّا قال لهم : { ما كانوا به يستهزئون } علموا أنّها أنباء القرآن لأنّهم يعلمون أنّهم يستهزئون بالقرآن وعلم السامعون أنّ هؤلاء كانوا مستهزئين بالقرآن . وتقدّم معنى الاستهزاء عند قوله تعالى في سورة البقرة : { إنّما نحن مستهزئون } .