" الفاء " هنا للتَّعْقِيبِ ، يعني : أنَّ الإعْرَاض عن الآيات أعْقَبَهُ التَّكْذِيبُ .
وقال الزمخشري{[13201]} : " فَقَدْ كَذَّبوا " مردودٌ على كلامٍ محذوف ، كأنه قيل : إن كانوا معرضين عن الآيات ، فقد كذبوا بما هو أعظم آية وأكبرها .
وقال أبو حيان{[13202]} : ولا ضرورة تدعو إلى هذا في انتظام الكلام وقوله : " بالحق " من إقامة الظاهر مقام المُضْمَرِ ، إذ الأصل : فقد كذبوا بها أي : بالآية .
والمُرَادُ بالحقِّ ها هنا القرآن .
وقيل : [ محمد صلى الله عليه وسلم وقيل : ]{[13203]} جميع الآيات .
واعلم أنَّهُ -تعالى- رتّبَ أمورَ هؤلاء الكُفَّارِ على ثلاث مراتب :
أولها : كونهم معرضين عن التأمُّلِ والتَّفَكُّرِ في الدَّلائل [ والبَيِّنَات ]{[13204]} .
والمرتبة الثانية : كونهم مكذّبين بها ، وهذه أزْيَدُ ما قَبْلَهَا ؛ لأنَّ المُعْرِضَ عن الشِّيء قد لا يكون مكذباً به ، بل قد يكون غَفِلَ عنه ؛ فإذا صَارَ مُكَذِّباً به ، فقد زاد على الإعْرَاضِ .
والمرتبة الثالثة : كونهم مُسْتَهْزِئينَ بها ؛ [ لأن المكذب ]{[13205]} بالشيء قد لا يبلغ تكذيبه به إلى حدِّ الاسْتِهْزَاءِ ، فإذا بلغ إلى هذا الحَدَّ ، فقدْ بَلَغَ الغَايَة القُصْوَى في الإنكار ، [ ثُم ]{[13206]} بَيَّن -تعالى- أنَّ أولئك الكُفَّار وصلوا في هذه المراتب الثلاثة على هذا الترتيب{[13207]} .
قوله تعال : { فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُواْ بِهِ يستهزئون } .
" الأنبياء جمع " نبأ " وهو ما يعظم وقعه من الأخبار ، وفي الكلام حَذْفٌ ، أي : يأتيهم مَضْمونُ الأنباء ، و " به " متعلّق بخبر " كانوا " .
و " لمّا " حرف وجوب أو ظرف زمان ، والعامل فيه " كذبوا " {[13208]}
و " ما " يجوز أن تكون موصولةٌ اسميةً ، والضميرُ في " به " عائد عليها ، ويجوز أن تكون مصدرية{[13209]} .
قال ابن عطيّة{[13210]} : أي : أنباء كونهم مستهزئين ، وعلى هذا فالضميرُ لا يعودُ عليها ؛ لأنها حرفية ؛ بل تعود على الحقِّ ، وعند الأخفش{[13211]} يعود عليها ؛ لأنها اسم عنده .
ومعنى الآية : وسوف يأتيهم أخبارُ اسْتِهْزَائهِمْ وجَزَاؤهُ ، أي : سيعلمون عاقبة اسْتهْزَائِهِمْ إذا عُذِّبُوا ، فقيل : يوم " بدر " وقيل : يوم القيامة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.