تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَقَدۡ كَذَّبُواْ بِٱلۡحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمۡ فَسَوۡفَ يَأۡتِيهِمۡ أَنۢبَـٰٓؤُاْ مَا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (5)

الآية 5 وقول تعالى : { فقد كذبوا بالحق لما جاءهم } يحتمل الحق الآيات التي كان يأتي بها رسول الله صلى الله عليه وسلم من آيات التوحيد وآيات البعث ، ويحتمل القرآن . ولو لم يكن يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بآية كانت نفسه آية عظيمة من أول نشأته{[6913]} إلى آخر عمره لأنه عصم حتى لم يأت منه ما يسمج{[6914]} ، ويستقبح قط . فدل أن ذلك لما جعله آية في نفسه وموضعا لرسالته . وعلى ذلك إجابة أبي بكر رضي الله عنه في أول دعوة دعاه إلى ذلك لما كان رأى منه آيات . فلما دعاه أجابه في ذلك مع ما كان معه آيات عظيمة وأعلام عجيبة .

وقوله تعالى : { فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون } معناه ، والله أعلم ، أن يأتيهم ، وينزل بهم ما نزل بالمستهزئين . وإلا كان أتاهم أنباء ما نزل بالمستهزئين . ولكن معناه ما ذكرنا : أي ينزل بهم ، ويحل ما نزل وحل بالمستهزئين . ويحتمل وجها آخر قوله : { فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون } وهو العذاب ، لأن الرسل كانوا يوعدونهم أن ينزل بهم العذاب بتكذيبهم الرسل . فعند ذلك يستهزئون بهم كقوله تعالى : { عجل لنا قطنا } [ ص : 16 ] وكقوله تعالى : { ويستعجلونك بالعذاب } [ الحج : 47 ] وغير ذلك { وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم } [ الأنفال : 32 ] فأخبر أنه ينزل بهم ذلك كما نزل بأولئك .


[6913]:- في الأصل وم: نشاءة.
[6914]:- في الأصل وم: يستسمح.