الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَقَدۡ كَذَّبُواْ بِٱلۡحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمۡ فَسَوۡفَ يَأۡتِيهِمۡ أَنۢبَـٰٓؤُاْ مَا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (5)

قوله تعالى : { فَقَدْ كَذَّبُواْ } : الفاء هنا للتعقيب ، يعني أن الإِعراض عن الآيات أعقبه التكذيب . وقال الزمخشري : " فقد كذَّبوا " مردودٌ على كلامٍ محذوف ، كأنه قيل : إن كانوا مُعْرِضين عن الآيات فقد كذبوا بما هو أعظمُ آيةٍ وأكبرها " . قال الشيخ : " ولا ضرورةَ تدعو إلى هذا مع انتظام الكلام " ، وقوله " بالحق " من إقامة الظاهر مُقام المضمر ، إذ الأصل : فقد كذَّبوا بها ، أي بالآية . والأنباء جمع نبأ ، وهو ما يَعْظُم وَقْعُه من الأخبار . وفي الكلام حذف ، أي يأتيهم مضمون الأنباء . و " به " متعلق بخبر " كانوا " و " لمَّا " حرفُ وجوب أو ظرف زمان ، والعامل فيه " كَذَّبوا " .

" وما يجوز أن تكون موصولة اسمية ، والضمير في " به " عائدٌ عليها ، ويجوز أن تكونَ مصدرية ، قال ابن عطية ، أي أنباء كونهم مستهزئين ، وعلى هذا فالضمير لا يعود عليها لأنها حرفية ، بل يعود على الحق ، وعند الأخفش يعود عليها لأنها اسم عنده .