قوله تعالى { فقد كذبوا بالحق لما جاءهم فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون }
اعلم أنه تعالى رتب أحوال هؤلاء الكفار على ثلاث مراتب ، فالمرتبة الأولى : كونهم معرضين عن التأمل في الدلائل والتفكر في البينات ، والمرتبة الثانية : كونهم مكذبين بها وهذه المرتبة أزيد مما قبلها ، لأن المعرض عن الشيء قد لا يكون مكذبا به ، بل يكون غافلا عنه غير متعرض له ، فإذا صار مكذبا به فقد زاد على الأعراض ، والمرتبة الثالثة : كونهم مستهزئين بها لأن المكذب بالشيء قد لا يبلغ تكذيبه به إلى حد الاستهزاء ، فإذا بلغ إلى هذا الحد فقد بلغ الغاية القصوى في الإنكار ، فبين تعالى أن أولئك الكفار وصلوا إلى هذه المراتب الثلاثة على هذا الترتيب . واختلفوا في المراد بالحق فقيل إنه المعجزات : قال ابن مسعود : انشق القمر بمكة وانفلق فلقتين فذهبت فلقة وبقيت فلقة ، وقيل إنه القرآن ، وقيل : إنه محمد صلى الله عليه وسلم وقيل إنه الشرع الذي أتى به محمد صلى الله عليه وسلم والأحكام التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم وقيل إنه الوعد والوعيد ، الذي يرغبهم به تارة ويحذرهم بسببه أخرى ، والأولى دخول الكل فيه .
وأما قوله تعالى : { فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزءن } المراد منه الوعيد والزجر عن ذلك الاستهزاء ، فيجب أن يكون المراد بالأنباء الأنباء لا نفس الأنباء بل العذاب الذي أنبأ الله تعالى به ونظيره قوله تعالى : { ولتعلمن نبأه بعد حين } والحكيم إذا توعد فربما قال ستعرف نبأ هذا الأمر إذ نزل بك ما تحذره ، وإنما كان كذلك لأن الغرض بالخبر الذي هو الوعيد حصول العلم بالعقاب الذي ينزل فنفس العقاب إذا نزل يحقق ذلك الخبر ، حتى تزول عنه الشبهة . ثم المراد من هذا العذاب يحتمل أن يكون عذاب الدنيا ، وهو الذي ظهر يوم بدر ويحتمل أن يكون عذاب الآخرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.