المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قَالَ بَلۡ سَوَّلَتۡ لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ أَمۡرٗاۖ فَصَبۡرٞ جَمِيلٌۖ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَأۡتِيَنِي بِهِمۡ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (83)

83- فرجع بقية الأبناء إلى يعقوب ، وخبَّروه كما وصَّاهم أخوهم الكبير فَهَيَّج الخبر أحزانه ، وضاعف منها فقد ابنه الثاني ، ولم تطب نفسه ببراءتهم من التسبب في ضياعه وهو المفجوع بما صنعوا من قبل في يوسف ، وصرح باتهامهم قائلا لهم : ما سلمت نيتكم في المحافظة على ابني ، ولكن زينت لكم نفوسكم أن تخلصتم منه مثلما تخلصتم من أخيه ، فلولا فتواكم وحكمكم أن يؤخذ السارق رقيقاً عقوبة له على السرقة ، ما أخذ العزيز ابني ، ولا تخلف أخوكم الكبير بمصر ، ولا حيلة لي إلا أن أتجمل في مصيبتي بالعزاء الحميد ، راجياً أن يرد الله على جميع أبنائي ، فهو صاحب العلم المحيط بحالي وحالهم ، وله الحكمة البالغة ، فيما يصنع لي ويُدبِّر .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالَ بَلۡ سَوَّلَتۡ لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ أَمۡرٗاۖ فَصَبۡرٞ جَمِيلٌۖ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَأۡتِيَنِي بِهِمۡ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (83)

ويطوي السياق الطريق بهم ، حتى يقفهم في مشهد أمام أبيهم المفجوع ، وقد أفضوا إليه بالنبأ الفظيع . فلا نسمع إلا رده قصيرا سريعا ، شجيا وجيعا . ولكن وراءه أملا لم ينقطع في الله أن يرد عليه ولديه ، أو أولاده الثلاثة بما فيهم كبيرهم الذي أقسم ألا يبرح حتى يحكم الله له . وإنه لأمل عجيب في ذلك القلب الوجيع :

( قال : بل سولت لكم أنفسكم أمرا ، فصبر جميل ، عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم ) . .

( بل سولت لكم أنفسكم أمرا ، فصبر جميل ) . . كلمته ذاتها يوم فقد يوسف . ولكنه في هذه المرة يضيف إليها هذا الأمل أن يرد الله عليه يوسف وأخاه فيرد ابنه الآخر المتخلف هناك . . ( إنه هو العليم الحكيم ) . . الذي يعلم حاله ، ويعلم ما وراء هذه الأحداث والامتحانات ، ويأتي بكل أمر في وقته المناسب ، عندما تتحقق حكمته في ترتيب الأسباب والنتائج .

هذا الشعاع من أين جاء إلى قلب هذا الرجل الشيخ ؟ إنه الرجاء في الله ، والاتصال الوثيق به ، والشعور بوجوده ورحمته . ذلك الشعور الذي يتجلى في قلوب الصفوة المختارة ، فيصبح عندها أصدق وأعمق من الواقع المحسوس الذي تلمسه الأيدي وتراه الأبصار .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالَ بَلۡ سَوَّلَتۡ لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ أَمۡرٗاۖ فَصَبۡرٞ جَمِيلٌۖ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَأۡتِيَنِي بِهِمۡ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (83)

قال لهم كما قال لهم حين جاءوا على قميص يوسف بدم كذب : { بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ }

قال محمد بن إسحاق : لما جاءوا يعقوب وأخبروه بما يجري اتهمهم ، وظن أنها كفعلتهم بيوسف { قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ } {[15255]} .

وقال بعض الناس : لما كان صنيعهم{[15256]} هذا مرتبا على فعلهم الأول ، سُحب{[15257]} حكم الأول عليه ، وصح قوله : { بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ }

ثم ترجى{[15258]} من الله أن يرد عليه أولاده الثلاثة : يوسف وأخاه بنيامين ، وروبيل الذي أقام بديار مصر ينتظر أمر الله فيه ، إما أن يرضى عنه أبوه فيأمره بالرجوع إليه ، وإما أن يأخذ أخاه خفية ؛ ولهذا قال : { عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ } أي : العليم بحالي ، { الْحَكِيمُ } في أفعاله وقضائه وقدره .


[15255]:- في ت ، أ : "فقال" وهو خطأ.
[15256]:- في ت : "صبرنا".
[15257]:- في ت : "اسحب" ، وفي أ : "استحب".
[15258]:- في ت : "يرجى".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ بَلۡ سَوَّلَتۡ لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ أَمۡرٗاۖ فَصَبۡرٞ جَمِيلٌۖ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَأۡتِيَنِي بِهِمۡ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (83)

{ قال بل سوّلت } أي فلما رجعوا إلى أبيهم وقالوا له ما قال لهم أخوهم قال : { بل سولت } أي زينت وسهلت . { لكم أنفسكم أمرا } أردتموه فقدرتموه ، وإلا فما أدرى الملك أن السارق يؤخذ بسرقته . { فصبر جميل } أي فأمري صبر جميل ، أو فصبر جميل أجمل . { عسى الله أن يأتيني بهم جميعا } بيوسف وبنيامين وأخيهما الذي توقف بمصر . { إنه هو العليم } بحالي وحالهم . { الحكيم } في تدبيرهما .