وكذلك تسخير الجن لسليمان - عليه السلام - ليغوصوا في أعماق البحر أو أعماق اليابسة . ويستخرجوا كنوزها المخبوءة لسليمان ؛ أو ليعملوا له أعمالا غير هذا وذاك . . فالجن كل ما خفي . وقد قررت النصوص القرآنية أن هناك خلقا يسمون الجن خافين علينا ، فمن هؤلاء سخر الله لسليمان من يغوصون له ويعملون عملا دون ذلك . وحفظهم فلا يهربون ولا يفسدون ولا يخرجون على طاعة عبده . وهو القاهر فوق عباده يسخرهم حين يشاء كيف يشاء .
وعند هذا الحد المأمون نقف في ظلال النصوص . فلا نسبح في الإسرائيليات .
لقد ابتلى الله داود وسليمان - عليهما السلام - بالسراء . وفتنتهما في هذه النعمة . فتن داود في القضاء . وفتن سليمان بالخيل الصافنات - كما سيأتي في سورة ص - فلا نتعرض هنا لتفصيلات الفتنة حتى يأتي ذكرها في موضعها . إنما نخلص إلى نتائجها . . لقد صبر داود ، وصبر سليمان للابتلاء بالنعمة - بعد الاستغفار من الفتنة - واجتازوا الامتحان في النهاية بسلام ؛ فكانا شاكرين لنعمة الله .
وقوله : { وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ } أي : في الماء يستخرجون اللآلئ [ وغير ذلك . { وَيَعْمَلُونَ عَمَلا دُونَ ذَلِكَ } أي : غير ذلك ، كما قال تعالى : { وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ * ] {[19745]} وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأصْفَادِ } . [ ص : 37 ، 38 ] .
وقوله : { وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ } {[19746]} أي : يحرسه الله أن يناله أحد من الشياطين بسوء ، بل كل في قبضته وتحت قهره لا يتجاسر أحد منهم على الدنو إليه والقرب منه ، بل هو مُحَكَّم{[19747]} فيهم ، إن شاء أطلق ، وإن شاء حبس منهم من يشاء ؛ ولهذا قال : { وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأصْفَادِ }
القول في تأويل قوله تعالى : { وَمِنَ الشّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذَلِكَ وَكُنّا لَهُمْ حَافِظِينَ } .
يقول تعالى ذكره : وسخرنا أيضا لسليمان من الشياطين من يغوصون له في البحر ، ويعملون عملاً دون ذلك من البنيان والتماثيل والمحاريب . وكُنّا لَهُمْ حافِظِينَ يقول : وكنا لأعمالهم ولأعدادهم حافظين ، لا يئودنا حفظ ذلك كله .
{ ومن الشياطين من يغوصون له } في البحار ويخرجون نفائسها ، { ومن } عطف على { الريح } أو مبتدأ خبره ما قبله وهي نكرة موصوفة . { ويعملون عملا دون ذلك } ويتجاوزون ذلك إلى أعمال أخر كبناء المدن والقصور واختراع الصنائع الغريبة كقوله تعالى : { يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل } . { وكنا لهم حافظين } أن يزيغوا عن أمره أو يفسدوا على ما هو مقتضى جبلتهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.