قوله تعالى : { ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر* كذبت قوم لوط بالنذر* إنا أرسلنا عليهم حاصباً } ريحاً ترميهم بالحصباء ، وهي الحصا وقال الضحاك : يعني صغار الحصى . وقيل : الحصباء هي الحجر الذي دون ملء الكف ، وقد يكون الحاصب الرامي ، فيكون المعنى على هذا : أرسلنا عليهم عذاباً يحصبهم يعني : يرميهم بالحجارة ، ثم استثنى فقال : { إلا آل لوط } يعني لوطاً وابنتيه ، { نجيناهم } من العذاب .
" إنا أرسلنا عليهم حاصبا " أي ريحا ترميهم بالحصباء وهي الحصى ، قال النضر : الحاصب الحصباء في الريح . وقال أبو عبيدة : الحاصب الحجارة . وفي الصحاح : والحاصب الريح الشديدة التي تثير الحصباء وكذلك الحصبة ، قال لبيد :
جَرَّتْ عليها أَن خَوَتْ من أهلها *** أذيالَها كلُّ عَصُوفٍ حَصِبَه
عصفت الريح أي اشتدت فهي ريح عاصف وعصوف . وقال الفرزدق :
مستقبلين شمالَ الشام تَضْرِبُنَا *** بحاصب كَنَدِيفِ القطنِ منثورِ
" إلا آل لوط " يعني من تبعه على دينه ولم يكن إلا بنتاه " نجيناهم بسحر " قال الأخفش : إنما أجراه لأنه نكرة ، ولو أراد سحر يوم بعينه لما أجراه ، ونظيره : " اهبطوا مصرا{[14494]} " [ البقرة : 61 ] لما نكره ، فلما عرفه في قوله : " ادخلوا مصر إن شاء الله{[14495]} " [ يوسف : 99 ] لم يجره ، وكذا قال الزجاج : " سحر " إذا كان نكرة يراد به سحر من الأسحار يصرف ، تقول أتيته سحرا ، فإذا أردت سحر بومك لم تصرفه ، تقول : أتيته سحر يا هذا ، وأتيته بسحر . والسحر : هو ما بين آخر الليل وطلوع الفجر ، وهو في كلام العرب اختلاط سواد الليل ببياض أول النهار ؛ لأن في هذا الوقت يكون مخاييل الليل ومخاييل النهار .
{ إنا أرسلنا عليهم حاصبا إلا آل لوط نجيناهم بسحر }
{ إنا أرسلنا عليهم حاصباً } ريحاً ترميهم بالحصباء وهي صغار الحجارة الواحد دون ملء الكف فهلكوا { إلا آل لوط } وهم ابنتاه معه { نجيناهم بسحر } من الأسحار وقت الصبح من يوم غير معين ولو أريد من يوم معين لمنع من الصرف لأنه معرفة معدول عن السحر لأن حقه أن يستعمل في المعرفة بأل وهل أرسل الحاصب على آل لوط أولاً ؟ قولان وعبر عن الاستثناء على الأول بأنه متصل وعلى الشاني بأنه منقطع وإن كان من الجنس تسمحاً .
قوله : { إنا أرسلنا عليهم حاصبا إلا آال لوط } الحاصب ، معناه الريح الشديدة تثير الحصباء وهي الحصى{[4410]} . لقد أرسل الله على قوم لوط حجارة من السماء فأبيدوا جميعا باستثناء نبي الله لوط وآله وهما بنتاه المؤمنتان ، إذ لم يؤمن معه من قومه أحد البتة . وكذا امرأته الشقية الأثيمة لم تؤمن فأصابها من البلاء ما أصاب قومها المجرمين .