خافضة رافعة : خافضة لأقوام ، رافعة لآخرين .
تخفض أقواما وترفع آخرين ، فالكافرون والمجرمون ، والعصاة والظالمون ، وأهل الباطل والعلو في الأرض بغير الحق ، وأمثالهم ، يخفض الله أقدارهم ، حيث يدخلهم جهنم ، فيجدون فيها المذلة والمهانة ، وألوان العذاب .
أما المؤمنون والسابقون ، والمجاهدون والصالحون ، فيرفع الله أقدارهم ، ويدخلهم الجنة .
وقيل : خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ . أي : تزلزل الأشياء ، وتزيلها من أماكنها ، فتنشق السماء ، وتتناثر الكواكب ، وتسير الجبال فتمرّ في الجو مرّ السحاب ، كما قال سبحانه في شأن قوم لوط : { جعلنا عاليها سافلها . . . } ( هود : 82 ) .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{خافضة} يقول: أسمعت القريب، ثم قال: {رافعة} آية يقول: أسمعت البعيد، فكانت صيحة، يعني فصارت صيحة واحدة، أسمعت القريب والبعيد. قال أبو محمد: قال الفراء عن الكلبي: {خافضة} قوما إلى النار، و {رافعة} قوما إلى الجنة.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
قوله:"خافِضَةٌ رَافِعَةٌ "يقول تعالى ذكره: الواقعة حينئذٍ خافضة، أقواما كانوا في الدنيا، أعزّاء إلى نار الله.
وقوله: "رَافِعَةٌ" يقول: رفعت أقواما كانوا في الدنيا وُضَعاء إلى رحمة الله وجنته. وقيل: خفضت فأسمعت الأدنى، ورفعت فأسمعت الأقصى.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
... {خافضة} لمن تكبر، وتعظم على الخلق، رادّة إياه و {رافعة} لمن تواضع للخلق، وانقاد له، وقبله. وقيل: {خافضة} لأهل النار في النار كقوله تعالى: {يوم يسحبون في النار} [القمر: 48] و {رافعة} لأهل الجنة كقوله تعالى: {في مقعد صدق عند مليك مقتدر} [القمر: 55].
الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :
خفضت قوماً بالعدل ورفعت قوماً بالفضل.
النكت و العيون للماوردي 450 هـ :
{خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ} فيه ثلاثة أقاويل:...
رابعاً: أنها خفضت بالنفخة الأولى من أماتت، ورفعت بالنفخة الثانية من أحيت.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
ترفع أقواماً وتضع آخرين: إما وصفاً لها بالشدّة؛ لأنّ الواقعات العظام كذلك، يرتفع فيها ناس إلى مراتب ويتضع ناس، وإما لأنّ الأشقياء يحطون إلى الدركات، والسعداء يرفعون إلى الدرجات؛ وإما أنها تزلزل الأشياء وتزيلها عن مقارّها، فتخفض بعضاً وترفع بعضاً: حيث تسقط السماء كسفاً وتنتثر الكواكب وتنكدر وتسير الجبال فتمرّ في الجوّ مرّ السحاب
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :
ونسب سبحانه الخفض والرفع للقيامة توسعا ومجازا على عادة العرب في إضافتها الفعل إلى المحل والزمان وغيرهما مما لم يكن منه الفعل، يقولون: ليل نائم ونهار صائم. وفي التنزيل: "بل مكر الليل والنهار " [سبأ: 33] والخافض والرافع على الحقيقة إنما هو الله وحده.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
وقرر عظمتها وحقق بعث الأمور فيها بقوله مخبراً عن مبتدأ محذوف: {خافضة} أي هي لمن يشاء الله خفضه من عظماء أهل النار وغيرهم مما يشاؤه من الجبال وغيرها إلى أسفل سافلين {رافعة} أي لضعفاء أهل الجنة وغيرهم من منازلهم وغيرها مما يشاؤه إلى عليين، لا راد لأمره ولا معقب لحكمه.
قوله تعالى : " خافضة رافعة " قال عكرمة ومقاتل والسدي : خفضت الصوت فأسمعت من دنا ورفع من نأى ، يعني أسمعت القريب والبعيد . وقال السدي : خفضت المتكبرين ورفعت المستضعفين . وقال قتادة : خفضت أقواما في عذاب الله ، ورفعت ، أقواما إلى طاعة الله . وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : خفضت أعداء الله في النار ، ورفعت أولياء الله في الجنة . وقال محمد بن كعب : خفضت أقواما كانوا في الدنيا مرفوعين ، ورفعت أقوات كانوا في الدنيا مخفوضين . وقال ابن عطاء : خفضت أقواما بالعدل ، ورفعت آخرين بالفضل . والخفض والرفع يستعملان عند العرب في المكان والمكانة ، والعز والمهانة . ونسب سبحانه الخفض والرفع للقيامة توسعا ومجازا على عادة العرب في إضافتها الفعل إلى المحل والزمان وغيرهما مما لم يكن منه الفعل ، يقولون : ليل نائم ونهار صائم . وفي التنزيل : " بل مكر الليل والنهار{[14613]} " [ سبأ : 33 ] والخافض والرافع على الحقيقة إنما هو الله وحده ، فرفع أولياءه في أعلى الدرجات ، وخفض أعداءه في أسفل الدركات . وقرأ الحسن وعيسى الثقفي " خافضة رافعة " بالنصب . الباقون بالرفع على إضمار مبتدأ ، ومن نصب فعلى الحال . وهو عند الفراء على إضمار فعل ، والمعنى : إذا وقعت الواقعة . ليس لوقعتها كاذبة وقعت : خافضة رافعة . والقيامة لا شك في وقوعها ، وأنها ترفع أقواما وتضع آخرين على ما بيناه .
وقرر عظمتها وحقق بعث الأمور فيها بقوله مخبراً عن مبتدأ محذوف : { خافضة } أي هي لمن يشاء الله خفضه{[62068]} من عظماء أهل النار وغيرهم مما يشاؤه من الجبال وغيرها إلى أسفل سافلين { رافعة * } أي لضعفاء أهل الجنة وغيرهم من منازلهم وغيرها مما يشاؤه إلى عليين ، لا راد لأمره ولا معقب لحكمه .
قوله : { خافضة رافعة } أي ترفع أقواما وتخفض آخرين ، أو تخفض أقواما إلى الجحيم وإن كانوا أعزة في الدنيا . وترفع آخرين إلى جنات النعيم وإن كانوا في دنياهم من العالة والبائسين . أو أن ما يصيبها من خفض ورفع بسبب ما يأتي على الكون من اضطراب وارتجاج وزلزال ، وحينئذ تضطرب الأجرام وتنتثر الكواكب والنجوم . وتلكم أحداث كونية هائلة لا جرم أن تضطرب الأرض فيصيبها من الخفض والرفع ما يصيبها ويؤيد ذلك قوله سبحانه : { إذا رجت الأرض رجا } .