المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَيۡسَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِلَّا ٱلنَّارُۖ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَٰطِلٞ مَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (16)

16- هؤلاء الذين قصروا هممهم على الدنيا ، ليس لهم في الآخرة إلا عذاب النار ، وبَطَل نفع ما صنعوه في الدنيا لأنه لم يكن للآخرة فيه نصيب ، وهو في نفسه باطل أيضاً ، لأن العمل الذي لا يفيد السعادة الدائمة كأنه لم يكن .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَيۡسَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِلَّا ٱلنَّارُۖ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَٰطِلٞ مَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (16)

1

( أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار ، وحبط ما صنعوا فيها ، وباطل ما كانوا يعملون )

ولكن ليس له في الآخرة إلا النار ، لأنه لم يقدم للآخرة شيئا ، ولم يحسب لها حسابا ، فكل عمل الدنيا يلقاه في الدنيا . ولكنه باطل في الآخرة لا يقام له فيها وزن وحابط [ من حبطت الناقة إذا انتفخ بطنها من المرض ] وهي صورة مناسبة للعمل المنتفخ المتورم في الدنيا وهو مؤد إلى الهلاك !

ونحن نشهد في هذه الأرض أفرادا اليوم وشعوبا وأمما تعمل لهذه الدنيا ، وتنال جزاءها فيها . ولدنياها زينة ، ولدنياها انتفاخ ! فلا يجوز أن نعجب ولا أن نسأل : لماذا ؟ لأن هذه هي سنة الله في هذه الأرض : ( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون ) .

ولكن التسليم بهذه السنة ونتائجها لا يجوز أن ينسينا أن هؤلاء كان يمكن أن يعملوا نفس ما عملوه - ونفوسهم تتطلع للآخرة وتراقب الله في الكسب والمتاع - فينالوا زينة الحياة الدنيا لا يبخسون منها شيئا ، وينالوا كذلك متاع الحياة الأخرى .

إن العمل للحياة الأخرى لا يقف في سبيل العمل للحياة الدنيا . بل إنه هو هو مع الاتجاه إلى الله فيه . ومراقبة الله في العمل لا تقلل من مقداره ولا تنقص من آثاره ؛ بل تزيد وتبارك الجهد والثمر ، وتجعل الكسب طيبا والمتاع به طيبا ، ثم تضيف إلى متاع الدنيا متاع الآخرة . إلا أن يكون الغرض من متاع الدنيا هو الشهوات الحرام . وهذه مردية لا في الأخرى فحسب ، بل كذلك في الدنيا ولو بعد حين . وهي ظاهرة في حياة الأمم وفي حياة الأفراد . وعبر التاريخ شاهدة على مصير كل أمة اتبعت الشهوات على مدار القرون .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَيۡسَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِلَّا ٱلنَّارُۖ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَٰطِلٞ مَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (16)

القول في تأويل قوله تعالى : { أُوْلََئِكَ الّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الاَخِرَةِ إِلاّ النّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } .

يقول تعالى ذكره : هؤلاء الذين ذكرت أنا نوفيهم أجور أعمالهم في الدنيا لَيْسَ لَهُمْ فِي الاَخِرَةِ إلاّ النارُ يصلونها ، وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها يقول : وذهب ما عملوا في الدنيا ، وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ لأنهم كانوا يعملون لغير الله ، فأبطله الله وأحبط عامله أجره .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَيۡسَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِلَّا ٱلنَّارُۖ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَٰطِلٞ مَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (16)

و { حبط } معناه : يبطل وسقط ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : » يقتل حبطاً أو يلم{[6280]} « ، وهي مستعملة في فساد الأعمال ، والضمير في قوله : { فيها } عائد على الدنيا في الأولين ؛ وفي الثالثة عائد على الآخرة ، ويحتمل أن يعود في الثلاثة على الدنيا ؛ ويحتمل أن تعود الثانية على الأعمال .

وقرأ جمهور الناس : » وباطلٌ «بالرفع على الابتداء والخبر ، وقرأ أبيّ وابن مسعود : » وباطلاً «بالنصب ؛ قال أبو حاتم : ثبتت في أربعة مصاحف ، والعامل فيه { يعملون } و { ما } زائدة ، التقدير : وباطلاً كانوا يعملون . والباطل كل ما تقتضي ذاته أن لا تنال به غاية في ثواب ونحوه وبالله التوفيق .


[6280]:-هذا جزء من حديث رواه البخاري، ومسلم، وابن ماجه والإمام أحمد، ولفظه كما في البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على المنبر فقال: (إنما أخشى عليكم من بعدي ما يفتح عليكم من بركات الأرض)، ثم ذكر زهرة الدنيا فبدأ بإحداهما وثنى بالأخرى، فقام رجل فقال: يا رسول الله، أو يأتي الخير بالشر؟ فسكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم، قلنا: يوحَى إليه، وسكت الناس كأن على رؤوسهم الطير، ثم إنه مسح عن وجهه الرحضاء، فقال: أين السائل آنفا؟ أو خير هو؟ ثلاثا، إن الخير لا يأتي إلا بالخير، وإنه كلما يُنبت الربيع ما يقتل حبطا أو يُلمّ كلما أكلت، إلا آكله الخضر حتى إذا امتلأت خاصرتاها استقبلت الشمس فثلطت وبالت ثم رتعت، وإن هذا المال خضرة حُولة، ونعم صاحب المسلم لمن أخذه بحقه فجعله في سبيل الله واليتامى والمساكين، ومن لم يأخذه بحقه فهو كالآكل الذي لا يشبع، ويكون عليه شهيدا يوم القيامة).