قوله تعالى : { وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا } : يجوز أن يتعلَّقَ " فيها " ب " حَبِط " ، والضميرُ على هذا يعود على الآخرة ، أي : وظهر حبوطُ ما صنعوا في الآخرة . ويجوز أن يتعلَّقَ ب " صنعوا " فالضمير على هذا يعود على الحياة الدنيا كما عاد عليها في قوله { نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا } . و " ما " في " ما صنعوا " يجوز أن تكون بمعنى الذي فالعائدُ محذوفٌ ، أي : الذي صنعوه ، وأن تكونَ مصدريةً ، وحَبِط صُنْعُهم .
قوله : { وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ } الجمهورُ قرؤوا برفع الباطل ، وفيه ثلاثة أوجه ، أحدها : أن يكونَ " باطل " خبراً مقدماً ، و { مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } مبتدأٌ مؤخرٌ . و " ما " تحتمل أن تكن مصدريةً ، أي : وباطلٌ كونُهم عاملين ، وأن تكونَ بمعنى الذي والعائد محذوف ، أي : يعملونه ، وهذا على أنَّ الكلامَ من عطفَ الجمل ، عَطَفَ هذه الجملةَ على ما قبلها . الثاني : أن يكونَ " باطل " مبتدأً و { مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } خبرُه ، هكذا قال مكي بن أبي طالب وهو لا يَبْعُدُ على الغلط ، والعجبُ أنه لم يّذْكر غيره . الثالث : أن يكونَ " باطل " عطفاً على الأخبارِ قبله ، أي : أولئك باطلٌ ما كانوا يعملون ، و { مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } فاعلٌ ب " باطل " ، ويرجح هذا ما قرأ به زيد بن علي : { وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } جعله فعلاً ماضياً معطوفاً على " حَبِط " .
وقرأ أُبَيّ وابن مسعود قال مكي : " وهي في مصحفهما كذلك " ونقلها الزمخشري عن عاصم " وباطلاً " نصباً وفيها ثلاثةُ أوجهٍ ، أحدُها : أنه منصوبٌ ب " يعملون " و " ما " مزيدة ، وإلى هذا ذهب مكي وأبو البقاء وصاحب " اللوامح " ، وفيه تقديمُ معمولِ خبرِ " كان " على " كان " وهي مسألة خلاف ، والصحيحُ جوازُها كقوله تعالى : { أَهَؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ } [ سبأ : 40 ] فالظاهرُ أن " إياكم " منصوب ب " يعبدون " . والثاني : أن تكونَ " ما " إبهاميةً ، وتنتصب ب " يعملون " ومعناه : " باطلاً أيَّ باطلٍ كانوا يعملون " ، والثالث : أن يكون " باطلاً " بمعنى المصدر على بَطَلَ بُطْلاناً ما كانوا يعملون ، ذكر هذين الوجهين الزمخشري ، ومعنى قوله " ما " إبهامية أنها هنا صفةٌ للنكرة قبلها ، ولذلك قَدَّرها ب " باطلاً أيَّ باطل " فهو كقوله :
2643 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** وحديثٌ ما على قِصَرِهْ
و " لأمرٍ ما جَدَعَ قصيرٌ أَنْفَه " ، وقد قدَّم هو ذلك في قوله تعالى :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.