{ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ }
يخبر تعالى - وهو أصدق القائلين - أنه { إِلَهٌ وَاحِدٌ } أي : متوحد منفرد في ذاته ، وأسمائه ، وصفاته ، وأفعاله ، فليس له شريك في ذاته ، ولا سمي له ولا كفو له ، ولا مثل ، ولا نظير ، ولا خالق ، ولا مدبر غيره ، فإذا كان كذلك ، فهو المستحق لأن يؤله ويعبد بجميع أنواع العبادة ، ولا يشرك به أحد من خلقه ، لأنه { الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } المتصف بالرحمة العظيمة ، التي لا يماثلها رحمة أحد ، فقد وسعت كل شيء وعمت كل حي ، فبرحمته وجدت المخلوقات ، وبرحمته حصلت لها أنواع الكمالات ، وبرحمته اندفع عنها كل نقمة ، وبرحمته عرّف عباده نفسه بصفاته وآلائه ، وبيَّن لهم كل ما يحتاجون إليه من مصالح دينهم ودنياهم ، بإرسال الرسل ، وإنزال الكتب .
فإذا علم أن ما بالعباد من نعمة ، فمن الله ، وأن أحدا من المخلوقين ، لا ينفع أحدا ، علم أن الله هو المستحق لجميع أنواع العبادة ، وأن يفرد بالمحبة والخوف ، والرجاء ، والتعظيم ، والتوكل ، وغير ذلك من أنواع الطاعات .
وأن من أظلم الظلم ، وأقبح القبيح ، أن يعدل عن عبادته إلى عبادة العبيد ، وأن يشرك المخلوق{[116]} من تراب ، برب الأرباب ، أو يعبد المخلوق المدبر العاجز من جميع الوجوه ، مع الخالق المدبر القادر القوي ، الذي قد قهر كل شيء ودان له كل شيء .
ففي هذه الآية ، إثبات وحدانية الباري وإلهيته ، وتقريرها بنفيها عن غيره من المخلوقين وبيان أصل الدليل على ذلك وهو إثبات رحمته التي من آثارها وجود جميع النعم ، واندفاع [ جميع ] النقم ، فهذا دليل إجمالي على وحدانيته تعالى .
{ وإلهكم إله واحد } خطاب عام ، أي المستحق منكم العبادة واحد لا شريك له يصح أن يعبد أو يسمى إلها . { لا إله إلا هو } تقرير للوحدانية ، وإزاحة لأن يتوهم أن في الوجود إلها ولكن لا يستحق منهم العبادة . { الرحمن الرحيم } كالحجة عليها ، فإنه لما كان مولى النعم كلها أصولها وفروعها وما سواه إما نعمة أو منعم عليه لم يستحق العبادة أحد غيره ، وهما خبران آخران لقوله { إلهكم } ، أو لمبتدأ محذوف . قيل لما سمعه المشركون تعجبوا وقالوا : إن كنت صادقا فائت بآية نعرف بها صدقك فنزلت .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.