بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَإِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلرَّحۡمَٰنُ ٱلرَّحِيمُ} (163)

{ وإلهكم إله واحد } قال مقاتل : يعني ربكم رب واحد . وقال الضحاك : كان لمشركي العرب ثلاثمائة وستون صنماً يعبدونها من دون الله تعالى ، فدعاهم الله إلى التوحيد والإخلاص لعبادته فقال : { وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو } . ويقال : نزلت هذه الآية في صنف من المجوس يقال لهم : المانوية فكان رئيسهم يقال له : ماني ، فقال لهم أرى الأشياء زوجين وضدين ، مثل الليل والنهار والنور والظلمة والحر والبرد والخير والشر والسرور والحزن والذي يصلح للشيء لا يصلح لضده ، فمن كان خالق النور والخيرات لا يكون خالق الشر والظلمات ؛ فهما اثنان : أحدهما يخلق الشر والآخر يخلق الخير ، فنزلت هذه الآية { وإلهكم إله واحد } ، أي خالقكم خالق واحد هو خالق الأشياء كلها .

وقوله تعالى : { لاَّ إله إِلاَّ هُوَ الرحمن الرحيم } ، وقوله :{ لا إله إلا هو } قال بعض الناس : هذا الكلام نصفه كفر ، وهو قوله : { لاَ إله } ، ونصفه إيمان وهو قوله : { إِلاَّ هُوَ } . ولكن هذا الكلام ليس بسديد ، لأن الله تعالى أمر رسوله بأن يأمرهم حتى يقولوا : لا إله إلا الله ، فلا يجوز أن يأمرهم بالكفر . وقال بعضهم : النصف الأول منسوخ والنصف الثاني ناسخ . وهذا أيضاً لا يصح ، لأن المنسوخ هو الذي كان مباحاً قبل النسخ والكفر لم يكن مباحاً أبداً . وأحسن ما قيل فيه : إن قوله : { لا إله } نفي معبود الكفار ، وقوله : { إِلاَّ هُوَ } إثبات معبود المؤمنين . أو نقول : { لا إله } نفي الألوهية عمن لا يستحق الألوهية ، وقوله { إِلاَّ الله } إثبات الألوهية لمن يستحق الألوهية .