التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{وَإِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۖ لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلرَّحۡمَٰنُ ٱلرَّحِيمُ} (163)

{ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ { 163 } إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ { 164 } }

عبارة الآيتين واضحة وقد تضمنتا تقرير وحدة الله المتصف بشمول الرحمة ، ودلائل وحدانيته وعظمته ، فيما في السموات والأرض من نواميس وآيات باهرة مما يقع عليها نظر السامعين ومما يستمتعون به منها من منافع عظيمة متنوعة يدركها العاقل المتدبر من الناس وتجعله موقنا باستحقاق الله وحده للخضوع والعبادة .

والآيتان مما تكرر كثيراً في السور المكية فحوى ومقصداً ، ولقد علقنا على مثلهما في تلك السور تعليقات كافية فلا نرى ضرورة للتكرار .

ولقد روى المفسرون [ انظر تفسيرهما في الطبري والطبرسي ] أن الآية الأولى نزلت بناء على طلب المشركين وصفة الله ، وأن الآية الثانية نزلت بناء على طلبهم البرهان على ما قررته الآية الأولى والروايات لم ترد في الصحاح . ولقد حكت آيات مكية كثيرة اعتقاد المشركين بوجود الله وكونه هو الخالق للأكوان المدبر لها الرازق النافع الضار . فليس مما يحتمل أن يطلبوا ما ذكرته الروايات ، فضلا عن أن أسلوبهما لا يتسق كثيراً مع هذه الروايات . والذي يتبادر لنا أنهما جاءتا معقبتين على ما سبقهما فالآيات السابقة أنذرت الذين يكتمون بينات الله ويصرون على الكفر بالنار وسجلت عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين . فجاءت هاتان الآيتان لتبينا ما في الكون من آيات دالة على وجود الله وعظمته وما في الكفر به من سخف وضلال .

على أن هذا لا يمنع احتمال أن تكون الآيتان مقدمة للآيات التالية لها التي احتوت اتخاذ بعض الناس شركاء لله .

ومن المحتمل أن تكون الآيتان وما بعدهما قد نزل بعد الفصل السابق فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بوضعهما بعدها في ترتيب آيات السورة .