{ هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ } أي : هل جوزوا من جنس عملهم ؟
فكما ضحكوا في الدنيا من المؤمنين ورموهم بالضلال ، ضحك المؤمنون منهم في الآخرة ، ورأوهم{[1390]} في العذاب والنكال ، الذي هو عقوبة الغي والضلال .
نعم ، ثوبوا ما كانوا يفعلون ، عدلًا من الله وحكمة ، والله عليم حكيم .
وقوله : { هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ } ؟ أي : هل جوزي الكفار على ما كانوا يقابلون به المؤمنين من الاستهزاء والتنقص أم لا ؟ يعني : قد جوزوا أوفر الجزاء وأتمه وأكمله .
آخر [ تفسير سورة ]{[29866]} " المطففين " .
فذلكة لِما حُكي من اعتداء المشركين على المؤمنين وما ترتب عليه من الجزاء يوم القيامة ، فالمعنى فقَد جوزي الكفار بما كانوا يفعلون وهذا من تمام النداء الذي يعلق به يوم القيامة .
والاستفهام ب { هل } تقريري وتعجيب من عدم إِفلاتهم منه بعد دهور .
والاستفهام من قبيل الطلب فهو من أنواع الخطاب .
والخطاب بهذا الاستفهام موجه إلى غير معيّن بل إلى كل من يسمع ذلك النداء يوم القيامة . وهذا من مقول القول المحذوف .
و { ثُوِّب } أعطِيَ الثوابَ ، يقال : ثَوَّبَهُ كما يقال : أثابه ، إذا أعطاه ثواباً .
والثواب : هو ما يجازى به من الخير على فعل محمود وهو حقيقته كما في « الصحاح » ، وهو ظاهر « الأساس » ولذلك فاستعماله في جزاء الشر هنا استعارة تهكمية . وهذا هو التحقيق وهو الذي صرح به الراغب في آخر كلامه إذ قال : إنه يستعمل في جزاء الخير والشر . أراد أنه يستعار لجزاء الشر بكثرة فلا بد من علاقة وقرينة وهي هنا قوله : { الكفار } ما كانوا يفعلون كقول عمرو بن كلثوم :
نزلتم منزل الأضياف منا *** فعجَّلنا القِرى أن تَشْتُمونا
قَرَيْناكم فعَجَّلْنا قِراكـــم *** قُبيل الصُّبح مِرْداة طحونا
ومن قبيل قوله تعالى : { فبشرهم بعذاب أليم } [ الانشقاق : 24 ] .
و { ما كانوا يفعلون } موصول وهو مفعول ثان لفعل { ثوب } إذ هو من باب أعطى . وليس الجزاء هو ما كانوا يفعلونه بل عبر عنه بهذه الصلة لمعادلته شدَّةَ جرمهم على طريقة التشبيه البليغ ، أو على حذف مضاف تقديره : مثلَ ، ويجوز أن يكون على نزع الخافض وهو باء السببية ، أي بما كانوا يفعلون .
وفي هذه الجملة محسن براعة المقطع لأنها جامع لما اشتملت عليه السورة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.