تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{هَلۡ ثُوِّبَ ٱلۡكُفَّارُ مَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ} (36)

الآية 36 : كان قوله تعالى : { هل ثوب الكفار } أي قد جوزي الكفار { ما كانوا يفعلون } فهم ينظرون كيف يعاقبون ؟

ثم القول : أن كيف احتملت أنفسهم النظر إلى الكفار بما هم فيه من التعذيب ؟ والمرء إذا رأى أحدا في شدة العذاب لم يحتمل طبعه ذلك ، وينغص عليه العيش .

فجائز أن يكون الله تعالى أنشأهم على خلقة ، لا تقبل المكاره ، ولا تجدها ، بل تنال اللذات كلها والمسار ، أو ارتفع عنهم المكروه لبلوغ العداوة بينهم وبين أهل النار غايتها .

وكذلك يرى المرء في الشاهد إذا عادى إنسانا ، واشتدت العداوة في ما بينهما ، ثم رآه يعذب بألوان العذاب ، لم يثقل عليه ذلك ، بل أحب أن يزاد منه .

ثم جائز أن يرفع إليهم أهل النار إذا اشتاقوا النظر إليهم ، فيروهم{[23330]} ، أو يجعل في بصرهم من القوة ما ينتهي إلى ذلك المكان .

ثم ذكر بعضهم أن هذه السورة مكية ، ومنهم من ذكر أنها نزلت بين مكة والمدينة ، وهي مكية ، ومنهم من ذكر [ أنها في ]{[23331]} أولها مدنية وآخرها مكية [ والله أعلم بالصواب ]{[23332]} .


[23330]:في الأصل وم: فيرونهم.
[23331]:في الأصل وم: أن.
[23332]:ساقطة من م.