مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{هَلۡ ثُوِّبَ ٱلۡكُفَّارُ مَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ} (36)

ثم قال تعالى : { هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون } ثوب بمعنى أثيب أي الله المثيب ، قال أوس :

سأجزيك أو يجزيك عني مثوب *** وحسبك أن يثنى عليك وتحمدي

قال المبرد : وهو فعل من الثواب ، وهو ما يثوب أي يرجع إلى فاعله جزاء ما عمله من خير أو شر ، والثواب يستعمل في المكافأة بالشر ، ونشد أبو عبيدة :

ألا أبلغ أبا حسن رسولا *** فما لك لا تجيء إلى الثواب

والأولى أن يحمل ذلك على سبيل التهكم كقوله : { ذق إنك أنت العزيز الكريم } والمعنى كأنه تعالى يقول للمؤمنين : هل جازينا الكفار على عملهم الذي كان من جملته ضحكهم بكم واستهزاؤهم بطريقتكم ، كما جازيناكم على أعمالكم الصالحة ؟ فيكون هذا القول زائدا في سرورهم ، لأنه يقتضي زيادة في تعظيمهم والاستخفاف بأعدائهم ، والمقصود منها أحوال القيامة . والله أعلم .