اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{هَلۡ ثُوِّبَ ٱلۡكُفَّارُ مَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ} (36)

قوله : { هَلْ ثُوِّبَ } . يجوز أن تكون الجملة الاستفهامية معلقة للنظر قبلها ، فتكون في محل نصب بعد إسقاط الخافض ب «ينظرون » .

وقيل : استئناف لا موضع له ، ويجوز أن يكون على إضمار القول : أي : يقولون : هل ثوب ، ومعنى «ثُوِّب » أي : جُوزيَ ، يقال : ثوَّبهُ وأثابهُ .

قال : [ الطويل ]

5131- سَأجزِيكَ أو يَجْزيكَ عنِّي مُثوِّبٌ *** وحَسْبُكَ أنْ يُثْنَى عَليْكَ وتُحْمَدَا{[59637]}

ويدغم أبو عمرو والكسائي وحمزة{[59638]} : لام «هل » في الثناء .

قوله : «ما كانوا » فيه حذف ، أي : ثواب ما كانوا ، أو موصول اسمي أو حرفي .

قال المبرد : «ثوب » فعل من الثواب ، وهو ما ثوب ، يرجع على فاعله جزاء ما علمه من خير ، أو شر ، والثَّوابُ : يستعمل في المكافأة بالشَّر .

وأنشد أبو عبيدة : [ الوافر ]

5132- ألاَ أَبْلِغْ أبَا حَسنٍ رَسُولاً *** فمَا لَكَ لا يَجِيءُ إلَى الثَّوابِ{[59639]}

وثوَّب وأثاب بمعنى واحد ، والأولى أن يحمل على سبيل التَّهكُّم ، كقوله : { ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم } [ الدخان : 49 ] ، كأنه - تعالى - يقول للمؤمنين : هل جازينا هؤلاء الكفار على استهزائهم بطريقتكم كما جازيناكم على أعمالكم الصالحة ، فيكون هذا القول زائداً في سرورهم والله أعلم .

ختام السورة:

روى الثعلبي عن أبيّ بن كعبٍ - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ قَرَأَ سُورَة «المُطَفِّفِين » سقاهُ اللهُ من الرَّحيقِ المختُومِ يَوْمَ القِيَامَةِ »{[1]} .


[1]:في النسختين تقدم. وندم تصحيح من الرازي. وانظر تصحيح ذلك وغيره في تفسير الإمام 28/117.
[59637]:البيت لأوس بن حجر، ينظر الكشاف 4/724، والبحر 8/435، والدر المصون 6/495.
[59638]:ينظر: الحجة 6/489، وإعراب القراءات 2/452، والمحرر الوجيز 5/455، وقال ابن عطية: قال سيبويه: وذلك حسن وإن كان دون إدغام في الراء لتقاربهما في المخرج.
[59639]:ينظر الفخر الرازي 31/103.