تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{هَلۡ ثُوِّبَ ٱلۡكُفَّارُ مَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ} (36)

29

المفردات :

هل ثوب : التثويب والإثابة : المجازاة ، يقال : ثوّبه وأثابه ، إذا جازاه ، أي : هل جوزي الكفار وأثيبوا على فعلهم ؟

التفسير :

36- هل ثوّب الكفار ما كانوا يفعلون .

هل جوزي الكفار على ما كانوا يفعلون بالمؤمنين في الدنيا ؟ والجواب : نعم ، لقد جوزي الكفار بالجزاء المناسب ، لتهكّمهم بالمؤمنين في الدنيا ، فقد نزل بهم ما يستحقون من عقاب أليم ، جزاء وفاقا .

ويظل هذا الاستفهام التقريري هو آخر ما يرنّ في الأذن ، كأنه يقول : إن عدالة الله تقتص من المعتدين مهما طالت بهم الحياة .

وثوّب مثل أثاب-بمعنى جازى- يقع في الخير وفي الشر ، وإن كان قد غلب عليه الثواب في الخير ، لكنه ورد هنا من باب التهكم بالمعتدين ، مثل قوله تعالى : فبشّرهم بعذاب أليم . ( التوبة : 34 ) .

قال ابن كثير :

وقوله تعالى : هل ثوّب الكفار ما كانوا يفعلون .

أي : جوزي الكفار على ما كانوا يقابلونه به المؤمنين من الاستهزاء والسخرية أم لا ؟

يعني : قد جوزوا أوفر الجزاء وأتمّه وأكملهix .

وفي معنى الآيات ورد قوله تعالى : إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين* فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون* إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون . ( المؤمنون : 109-111 ) .

i قال الترمذي : حسن صحيح ، وللحديث روايات أخرى بألفاظ قريبة في المعنى .

ii تفسير المراغي للأستاذ أحمد مصطفى المراغي ، ط 3 ، مصطفى البابي الحلبي ، 30/82 .

iii تفسير جزء عم ، للأستاذ محمد عبده ، الطبعة السادسة مطابع الشعب ، ص37 .

iv قوموا إلى سيدكم :

رواه البخاري في الجهاد ( 3043 ) ومسلم في الجهاد ( 1768 ) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : لما نزلت بنو قريظة على حكم سعد –هو ابن معاذ- بعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان قريبا منه فجاء على حمار ، فلما دنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( قوموا إلى سيدكم ) . فجاء فجلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : ( إن هؤلاء نزلوا على حكمك ) ، قال : فإني أحكم أن تقتل المقاتلة وأن تسبى الذرية ، قال : ( لقد حكمت فيهم بحكم الملك ) .

v من أحب أن يمثل له الرجال قياما :

رواه أبو داود في الأدب ( 5229 ) والترمذي في الأدب ( 2755 ) عن أبي مجلز قال : خرج معاوية على ابن الزبير وابن عامر فقام ابن عامر وجلس ابن الزبير فقال معاوية لابن عامر : اجلس فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من أحب أن يمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار ) .

vi تفسير المراغي للأستاذ أحمد مصطفى المراغي المجلد العاشر الجزء 30 ص 75 الفكر للطباعة والنشر والتوزيع .

vii تفسير القرطبي وبه مزيد من القول في ذلك الموضوع .

viii تفسير جزء عم للأستاذ الإمام محمدعبده ، دار الشعب ص 38 .

ix مختصر تفسير ابن كثير تحقيق محمد علي الصابوني المجلد الثالث ص 617 .