المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَقَالُواْ يَـٰٓأَيُّهَ ٱلسَّاحِرُ ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ إِنَّنَا لَمُهۡتَدُونَ} (49)

49- وقالوا - مستغيثين بموسى حينما عمَّهم البلاء - : يا أيها الساحر - وهو العالم - ادع لنا ربك متوسلا بعهده عندك أن يكشف عنا العذاب ، إنا - إذا كُشِف - لمهتدون .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ يَـٰٓأَيُّهَ ٱلسَّاحِرُ ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ إِنَّنَا لَمُهۡتَدُونَ} (49)

{ وَقَالُوا } عندما نزل عليهم العذاب : { يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ } يعنون موسى عليه السلام ، وهذا ، إما من باب التهكم به ، وإما أن يكون هذا الخطاب عندهم مدحا ، فتضرعوا إليه بأن خاطبوه بما يخاطبون به من يزعمون أنهم علماؤهم ، وهم السحرة ، فقالوا : { يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ } أي : بما خصك اللّه به ، وفضلك به ، من الفضائل والمناقب ، أن يكشف عنا العذاب { إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ } إن كشف اللّه عنا ذلك .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَقَالُواْ يَـٰٓأَيُّهَ ٱلسَّاحِرُ ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ إِنَّنَا لَمُهۡتَدُونَ} (49)

ويتلطفون له في العبارة بقولهم : { يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ } أي : العالم ، قاله ابن جرير . وكان علماء زمانهم هم السحرة . ولم يكن السحر عندهم في زمانهم مذموما ، فليس هذا منهم على سبيل الانتقاص منهم ؛ لأن الحال حال ضرورة منهم إليه لا تناسب ذلك ، وإنما هو تعظيم في زعمهم ، ففي كل مرة يَعِدُون موسى [ عليه السلام ]{[26062]} إن كشف عنهم هذا أن يؤمنوا ويرسلوا معه بني إسرائيل .


[26062]:- (1) زيادة من ت.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ يَـٰٓأَيُّهَ ٱلسَّاحِرُ ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ إِنَّنَا لَمُهۡتَدُونَ} (49)

{ وقالوا يا أيّهَ الساحر } نادوه بذلك في تلك الحال لشدة شكيمتهم وفرط حماقتهم ، أو لأنهم كانوا يسمون العالم الماهر ساحرا . وقرأ ابن عامر بضم الهاء { ادع لنا ربك } فيكشف عنا العذاب . { بما عهد عندك } بعهده عندك من النبوة ، أو من أن يستجيب دعوتك ، أو أن يكشف العذاب عمن اهتدى ، أو { بما عهد عندك } فوفيت به وهو الإيمان والطاعة . { إننا لمهتدون } .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَقَالُواْ يَـٰٓأَيُّهَ ٱلسَّاحِرُ ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ إِنَّنَا لَمُهۡتَدُونَ} (49)

وقوله تعالى : { وقالوا يا أيه الساحر } جائز أن يكون قائل ذلك من أعملهم بكفر السحر فيقول : قوله استهزاء وهو يعلم قدر السحر وانحطاط منزلته ، ويكون قوله : { عندك } بمعنى : في زعمك وعلى قولك ، ويحتمل أن يكون القائل ليس من المتمردين الحذاق ويطلق لفظة الساحر لأحد وجهين ، إما لأن السحر كان عند عامتهم علم الوقت ، فكأنه قال : يا أيه العالم ، وإما لأن هذه الاسمية قد كانت انطلقت عندهم على موسى لأول ظهورها ، فاستصحبها هذا القائل في مخاطبة قلة تحرير وغباوة ، ويكون القول على هذا التأويل جداً من القائل ، ويكون قوله : { إنا لمهتدون } بمعنى إن نفعتنا دعوتك ، وهذا التأويل أرجح ، أعني أن كلام هذا القائل مقترن بالجد .

وقرأ ابن عامر وحده : «يا أيُ » بياء مضمومة فقط{[10219]} .


[10219]:علتها أن الهاء خلطت بما قبلها وألزمت ضم الياء، والياء مضمومة وجوبا لأنها منادى مفرد، وأنشد الفراء على ذلك: يا أيه القلب اللجوج النفس أفق عن البيض الحِسان اللعس فقد ضم الشاعر الهاء حملا على ضم الياء، واللعس: جمع لعساء، واللعس: سواد مستحسن في باطن الشفة.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَقَالُواْ يَـٰٓأَيُّهَ ٱلسَّاحِرُ ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ إِنَّنَا لَمُهۡتَدُونَ} (49)

عطف على { وأخذناهم بالعذاب } [ الزخرف : 48 ] . والمعنى : ولما أخذناهم بالعذاب على يد موسى سألوه أن يدعو الله بكشف العذاب عنهم . ومخاطبتهم موسى بوصف الساحر مخاطبة تعظيم تزلفاً إليه لأن الساحر عندهم كان هو العالم وكانت علوم علمائهم سِحرية ، أي ذات أسباب خفية لا يعرفها غيرهم وغيرُ أتباعهم ، ألاَ تَرى إلى قول ملأ فرعون له { وابعث في المدائن حاشرين يأتوك بكل سَحَّار عليم } [ الشعراء : 36 ، 37 ] .

وكان السحر بأيدي الكهنة ومن مَظاهره تحنيط الموتى الذي بقيت به جثث الأموات سالمة من البِلى ولم يطلع أحد بعدهم على كيفية صنعه . وفي آية الأعراف ( 134 ) { قالوا يا موسى ادعُ لنا ربّك } ولا تُنافي ما هنا لأن الخطاب خطاب إلحاححٍ فهو يتكرر ويعاد بطرق مختلفة .

وقرأ الجمهور { باأيه الساحر } بدون ألف بعد الهاء في الوصل وهو ظاهر ، وفي الوقف أي بفتحة دون ألف وهو غير قياسي لكن القراءة رواية . وعلله أبو شامة بأنهم اتبعوا الرّسم وفيه نظر . وقرأه أبو عمرو والكسائي ويعقوب بإثبات الألف في الوقف . وقرأه ابن عامر بضم الهاء في الوصل خاصة وهو لغة بني أسد ، وكتبت في المصحف كلمة { أيُّهَ } بدون ألف بعد الهاء ، والأصل أن تكون بألف بعد الهاء لأنها ( ها ) حرف تنبيه يفصل بين ( أيّ ) وبين نعتها في النداء فحذفت الألف في رسم المصحف رعياً لقراءة الجمهور والأصل أن يراعى في الرسم حالة الوقف .

وعنَوا ب { ربّك } الرب الذي دعاهم موسى إلى عبادته . والقبط كانوا يحسبون أن لكل أمةٍ ربّاً ولا يحيلون تعدد الآلهة ، وكانت لهم أرباب كثيرون مختلفة أعمالهم وقُدَرهم ومثل ذلك كانت عقائد اليونان .

وأرادوا { بما عهد عندك } ما خصك بعلمه دون غيرك مما استطعت به أن تأتي بخوارق العادة . وكانوا يحسبون أن تلك الآيات معلولة لعلل خفية قياساً على معارفهم بخصائص بعض الأشياء التي لا تعرفها العامة ، وكان الكهنة يعهدون بها إلى تلامذتهم ويوصونهم بالكتمان .

والعهد : هو الائتمان على أمر مهمّ ، وليس مرادهم به النبوءة لأنهم لم يؤمنوا به وإذ لم يعرفوا كنه العهد عبروا عنه بالموصول وصلته . والباء في قوله : { بما عهد عندك } متعلقة ب { ادع } وهي للاستعانة . ولما رأوا الآيات علموا أن رب موسى قادر ، وأن بينه وبين موسى عهداً يقتضي استجابة سؤله .

وجملة { إننا لمهتدون } جواب لكلام مقدر دل عليه { ادع لنا ربك } أي فإن دعوت لنا وكشفت عنا العذاب لنُؤمَنَنّ لك كما في آية الأعراف ( 134 ) { لئن كشفت عنا الرِّجْزَ لنؤمنَنّ لك } الآية . ف ( مهتدون ) اسم فاعل مستعمل في معنى الوعد وهو منصرف للمستقبل بالقرينة كما دلّ عليه قوله : { ينكثون } [ الزخرف : 50 ] ونظيره قوله في سورة الدخان ( 12 ، 13 ) حكاية عن المشركين { ربنا اكشف عنّا العذاب إنا مؤمنون أنّى لهم الذكرى } الآية . وسَمَّوا تصديقهم إياه اهتداء لأن موسى سمى ما دَعاهم إليه هَدْياً كما في آية النازعات ( 19 ) { وأهْدِيَكَ إلى ربّك فتخشى } .