{ كُتِبَ عَلَيْهِ } أي : قدر على هذا الشيطان المريد { أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ } أي : اتبعه { فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ } عن الحق ، ويجنبه الصراط المستقيم { وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ } وهذا نائب إبليس حقا ، فإن الله قال عنه { إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ } فهذا الذي يجادل في الله ، قد جمع بين ضلاله بنفسه ، وتصديه إلى إضلال الناس ، وهو متبع ، ومقلد لكل شيطان مريد ، ظلمات بعضها فوق بعض ، ويدخل في هذا ، جمهور أهل الكفر والبدع ، فإن أكثرهم مقلدة ، يجادلون بغير علم .
{ كُتِبَ عَلَيْهِ } قال مجاهد : يعني الشيطان ، يعني : كتب عليه كتابة قدرية { أَنَّهُ مَنْ تَوَلاهُ } أي : اتبعه وقلده ، { فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ } أي : يضله في الدنيا ويقوده في الآخرة إلى عذاب السعير ، وهو الحار المؤلم المزعج المقلق .
وقد قال السدي ، عن أبي مالك : نزلت هذه الآية في النضر بن الحارث . وكذلك{[19998]} ابن جريج .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا عمرو بن سلم{[19999]} البصري ، حدثنا عمرو بن المحرم أبو قتادة ، حدثنا المعمر{[20000]} ، حدثنا أبو كعب المكي قال : قال خبيث من خُبثاء قريش : أخبرنا{[20001]} عن ربكم ، من ذهب هو ، أو من فضة هو ، أو من نحاس هو ؟ فقعقعت السماء قعقعة - والقعقعة في كلام العرب : الرعد - فإذا قِحْف رأسه ساقط بين يديه .
وقال ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد : جاء يهودي فقال : يا محمد ، أخبرنا عن ربك : من أي شيء هو ؟ من در أم من ياقوت ؟ قال : فجاءت صاعقة فأخذته .
{ كتب عليه } على الشيطان . { أنه من تولاه } تبعه والضمير للشأن . { فإنه يضله } خبر لمن أو جواب له ، والمعنى كتب عليه إضلال من يتولاه لأنه جبل عليه ، وقرئ بالفتح على تقدير فشأنه أنه يضله لا على العطف فإنه يكون بعد تمام الكلام . وقرئ بالكسر في الموضعين على حكاية المكتوب أو إضمار القول أو تضمين الكتب معناه . { ويهديه إلى عذاب السعير } بالحمل على ما يؤدي إليه .
والضمير في { عليه } عائد على الشيطان قاله قتادة ويحتمل أن يعود على المجادل و { أنه } في موضع رفع على المفعول الذي لم يسم فاعله و { أنه } الثانية عطف على الأولى مؤكدة مثلها وقيل هي مكررة للتأكيد فقط وهذا معترض بأن الشيء لا يؤكد إلا بعد تمامه وتمام «أن » الأولى إنما هو بصلتها في قوله { السعير } وكذلك لا يعطف ولسيبويه في مثل هذا { أنه } بدل ، وقيل { أنه } خبر ابتداء محذوف تقديره فشأنه أنه يضله وقدره أبو علي فله أن يضله .
قال القاضي أبو محمد : ويظهر لي أن الضمير في { أنه } الأولى للشيطان وفي الثانية لمن الذي هو المتولي ، وقوله { يهديه } بمعنى يدله على طريق ذلك وليست بمعنى الإرشاد على الإطلاق ، وقرأ أبو عمرو «إنه من تولاه فإنه يضله » بالكسر فيهما .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.