التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{كُتِبَ عَلَيۡهِ أَنَّهُۥ مَن تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُۥ يُضِلُّهُۥ وَيَهۡدِيهِ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ} (4)

ثم بين - سبحانه - سوء عاقبة هذا المجادل بالباطل ، والمتبع لكل شيطان مريد ، فقال : { كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إلى عَذَابِ السعير } .

أى : كتب على هذا الشيطان ، وقضى عليه " أنه من تولاه " أى اتخذه وليا وقدوة له " فأنه يضله " أى : فشأن هذا الشيطان أن يضل تابعه عن كل خير " ويهديه إلى عذاب السعير " أى : وأن شأن هذا الشيطان - أيضا - أن يهدى متبعه إلى طريق النار المستعرة ، وفى التعبير بقوله : { وَيَهْدِيهِ إلى عَذَابِ السعير } تهكم بمن يتبع هذا الشيطان ، إذ سمى - سبحانه - قيادة الشيطان لأتباعه هداية .

وقد ذكر كثير من المفسرين أن هاتين الآيتين نزلتا فى شأن النضر بن الحارث أو العاص بن وائل ، أو أبى جهل .

. . وكانوا يجادلون النبى - صلى الله عليه وسلم - بالباطل .

ومن المعروف أن نزول هاتين الآيتين فى شأن هؤلاء الأشخاص ، لا يمنع من عمومهما فى شأن كل من كان على شاكلة هؤلاء الأشقياء ، إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .

ولذا قال صاحب الكشاف : " وهى عامة فى كل من تعاطى الجدال فيما يجوز على الله وما لا يجوز ، من الصفات والأفعال . ولا يرجع إلى علم . ولا يعض فيه بضرس قاطع ، وليس فيه اتباع البرهان ، ولا نزول على النصفة ، فهو يخبط خبط عشواء ، غير فارق بين الحق والباطل " .