أحدهما : أن{[30134]} «أَنَّه » وما في حيزه في محل نصب لقيامه مقام الفاعل{[30135]} ، فالهاء في «عَلَيْه » ، وفي «أَنَّه » تعودان على «من » المتقدمة{[30136]} . و «مَنْ » الثانية يجوز أن تكون شرطية ، والفاء جوابها ، وأن تكون موصولة والفاء زائدة في الخبر لشبه المبتدأ بالشرط{[30137]} ، وفتحت «أن » الثانية ، لأنها وما في حيزها في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف تقديره : فشأنه وحاله أنه يضله ، أو يقدر «فَأَنَّه » مبتدأ والخبر محذوف أي : فله أنه يضله{[30138]} .
الثاني : قال الزمخشري : ومن فتح{[30139]} فلأن الأول فاعل كتب ، والثاني عطف عليه{[30140]} .
قال أبو حيان : وهذا لا يجوز ؛ لأنك إذا جعلت «فَأَنَّه » عطفاً على «أنه » بقيت «أنه » بلا استيفاء خبر ، لأن «من تولاه » «من » فيه مبتدأة فإن قدرتها موصولة فلا خبر لها حتى تستقل{[30141]} خبراً ل «أَنَّه » ، وإن جعلتها شرطية فلا جواب لها ، إذ جعلت «فأنه » عطفاً على «أنه{[30142]} » . قال شهاب الدين : وقد ذهب ابن عطية إلى مثل قول الزمخشري فإنه قال : و «أنه » في موضع رفع ( على المفعول الذي لم يسم فاعله .
و «أنه » الثانية عطف على الأولى مؤكد{[30143]} وهذا رد واضح{[30144]} . وقرئ «كُتِبَ » مبنياً للفاعل ، أي : كتب الله{[30145]} ، ف ( أن ) وما في حيزها في محل نصب{[30146]} ) على المفعول به ، وباقي الآية على ما تقدم .
وقرأ الأعمش والجعفي{[30147]} عن أبي عمرو «إنه ، فإنه »{[30148]} بكسر الهمزتين{[30149]} .
وقال ابن عطية : وقرأ أبو عمرو «إنه ، فإنه » بالكسر فيهما{[30150]} وهذا يوهم أنه مشهور عنه ، وليس كذلك{[30151]} . وفي تخريج هذه القراءة ثلاثة أوجه ، ذكرها{[30152]} الزمخشري :
الأول : أن يكون على حكاية المكتوب كما هو ، كأنه قيل : كتب عليه هذا اللفظ ، كما تقول : كتب عليه إن الله هو الغني الحميد .
الثاني : أن يكون على إضمار قيل .
الثالث : أن «كتب » فيه معنى قيل{[30153]} .
قال أبو حيان : أمّا تقدير قيل يعني فيكون «عليه » في موضع مفعول ما لم يسم فاعله ، و «أَنَّهُ مَنْ تَوَلاَّه » الجملة مفعول لم يسم لقيل المضمر ، وهذا ليس مذهب البصريين فإن الجملة عندهم لا تكون فاعلاً فلا تكون مفعول ما لم يسم فاعله{[30154]} . وكان أبو حيان قد اختار ما بدأ به الزمخشري أولاً{[30155]} ، وفيه ما فَرَّ منه وهو أنه أسند الفعل إلى الجملة فاللازم مشترك ، وقد تقدم تقرير مثل هذا في أول البقرة{[30156]} . ثم قال : وأما الثاني يعني أنه ضمن «كُتِبَ » معنى القول- ، فليس مذهب البصريين ، لأنه لا تكسر «أن » عندهم إلا بعد القول الصريح ، لا ما هو بمعناه{[30157]} . والضميران في «عَلَيه » و «أَنَّه » عائدان على «مَنْ » الأولى كما تقدم ، وكذلك الضمائر في «تَوَلاَّه » و «فَأَنَّه » والمرفوع في «يضله ويهديه » لأن من الأولى هو{[30158]} المحدث عنه{[30159]} والضمير المرفوع في «تولاه » والمنصوب في «يضله ويهديه » عائد على «من » الثانية{[30160]} .
وقيل : الضمير في «عليه » ل «كُلَّ شَيْطَانٍ{[30161]} » ، والضمير في «فَأَنَّه » للشأن{[30162]} .
وقال ابن عطية : الذي يظهر لي أن الضمير الأول في «أنه » يعود على «كُلَّ شَيْطَانٍ » وفي «فأنه » يعود على «من » الذي هو المتولى . {[30163]}
فصل{[30164]}
قيل : معنى «كُتِبَ عَلَيْه » مثل ، أي : كأنما كتب إضلال من يتولاه عليه لظهور ذلك في حاله . وقيل : كتب{[30165]} عليه في أم الكتاب . واعلم أن هذا الكلام يحتمل أن يكون راجعاً إلى «مَنْ يُجَادِلُ » ، وأن يرجع إلى الشياطين . فإن رجع إلى «مَنْ يُجَادِلُ » فإنه يرجع إلى لفظه الذي هو موحد فكأنه قال : كتب : من يتبع الشيطان أضله عن الجنة وهداه إلى النار ، وذلك زجر منه ، فكأنه قال : كتب على من هذا حاله أن يصير أهلاً لهذا الوعد . وإن رجع إلى الشيطان كان المعنى ويتبع كل شيطان مريد قد كتب عليه أنه من يتولاه فهو ضال . وعلى هذا الوجه أيضاً يكون زجراً عن اتباعه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.