المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ} (109)

109- ولله - وحده - ما في السماوات وما في الأرض خلقاً وملكاً وتصرفاً ، وإليه مصير أمورهم ، فيجازى كلاً بما يستحقه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ} (109)

ثم قال تعالى : { وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ } أي : هو المالك لما في السماوات وما في الأرض ، الذي خلقهم ورزقهم ويتصرف فيهم بقدره وقضائه ، وفي شرعه وأمره ، وإليه يرجعون يوم القيامة فيجازيهم بأعمالهم حسنها وسيئها .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ} (109)

ثم قال [ تعالى ]{[5470]} { تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ } أي : هذه آيات الله وحُجَجُه وبيناته { نَتْلُوهَا عَلَيْكَ } يا محمد { بِالْحَقِّ } أي : نكشف{[5471]} ما الأمر عليه في الدنيا والآخرة .

{ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ } أي : ليس بظالم لهم بل هو الحَكَم العدل الذي لا يجور ؛ لأنه القادر على كل شيء ، العالم بكل شيء ، فلا يحتاج مع ذلك إلى أن يظلم أحدا من خلقه ؛ ولهذا قال : { وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ } أي : الجميع ملْك له وعبيد له . { وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ } أي : هو المتصرف في الدنيا والآخرة ، الحاكم في الدنيا والآخرة .


[5470]:زيادة من أ، و.
[5471]:في جـ: "ينكشف".

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ} (109)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَللّهِ مَا فِي السّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَإِلَىَ اللّهِ تُرْجَعُ الاُمُورُ }

يعني بذلك جلّ ثناؤه : أنه يعاقب الذين كفروا بعد إيمانهم بما ذكر أنه معاقبهم به من العذاب العظيم ، وتسويد الوجوه ، ويثيب أهل الإيمان به ، الذين ثبتوا على التصديق والوفاء بعهودهم التي عاهدوا عليها ، بما وصف أنه مثيبهم به ، من الخلود في جناته ، من غير ظلم منه لأحد الفريقين فيما فعل ، لأنه لا حاجة به إلى الظلم ، وذلك أن الظالم إنما يظلم غيره ليزداد إلى عزّته عزّة بظلمه إياه ، وإلى سلطانه سلطانا ، وإلى ملكه ملكا ، لنقصان في بعض أسبابه ، يتمم بما ظلم غيره فيه ما كان ناقصا من أسبابه عن التمام ، فأما من كان له جميع ما بين أقطار المشارق والمغارب ، وما في الدنيا والاَخرة ، فلا معنى لظلمه أحدا فيجوز أن يظلم شيئا ، لأنه ليس من أسبابه شيء ناقص يحتاج إلى تمام ، فيتمّ ذلك بظلم غيره ، تعالى الله علوّا كبيرا¹ ولذلك قال جلّ ثناؤه عقيب قوله : { وَما اللّهُ يُرِيدُ ظُلْما للْعالَمِينَ } { ولِلّهِ ما فِي السّمَوَاتِ وَما فِي الأرْضِ وإلى اللّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ } .

واختلف أهل العربية في وجه تكرير الله تعالى ذكره اسمه مع قوله : { وإلى اللّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ } ظاهرا وقد تقدم اسمه ظاهرا مع قوله : { وَلِلّهِ ما فِي السّمَوَاتِ وَما فِي الأرْضِ } فقال بعض أهل العربية من أهل البصرة : ذلك نظير قول العرب : أما زيد فذهب زيد ، وكما قال الشاعر :

لا أرَى الموتَ يسبقُ الموتَ شَيْءٌ *** نَغّصَ المَوْتُ ذا الغنى والفقيرا

فأظهر في موضع الإضمار . وقال بعض نحويي الكوفة : ليس ذلك نظير هذا البيت ، لأن موضع الموت الثاني في البيت موضع كناية ، لأنه كلمة واحدة ، وليس ذلك كذلك في الاَية ، لأن قوله : { وَلِلّهِ ما فِي السّمَوَاتِ وَما فِي الأرْضِ } خبر ليس من قوله : { وإلى اللّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ } في شيء ، وذلك أن كل واحدة من القصتين مفارق معناها معنى الأخرى ، مكتفية كل واحدة منهما بنفسها ، غير محتاجة إلى الأخرى ، وما قال الشاعر : «لا أرى » الموت محتاج إلى تمام الخبر عنه .

وهذا القول الثاني عندنا أولى بالصواب ، لأن كتاب الله عزّ وجلّ لا يؤخذ معانيه ، وما فيه من البيان إلى الشواذّ من الكلام والمعاني وله في الفصيح من المنطق والظاهر من المعاني المفهوم وجه صحيح موجود .

وأما قوله : { وإلى اللّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ } فإنه يعني تعالى ذكره : إلى الله مصير أمر جميع خلقه الصالح منهم ، والطالح والمحسن والمسيء ، فيجازي كلاّ على قدر استحقاقهم منه الجزاء بغير ظلم منه أحدا منهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ} (109)

ولما كان للذهن أن يقف هنا في الوجه الذي به خص الله قوماً بعمل يرحمهم من أجله ، وآخرين بعمل يعذبهم عليه ، ذكر تعالى الحجة القاطعة في ملكه جميع المخلوقات ، وأن «الحق » لا يعترض عليه ، وذلك في قوله ، { ولله ما في السموات وما في الأرض } الآية ، وقال : { ما } ولم يقل «من » من حيث هي جمل وأجناس ، وذكر الطبري : أن بعض البصريين نظر قوله تعالى : { وإلى الله } فأظهر الاسم ، ولم يقل إليه بقول الشاعر :

لا أرى الموتَ يسبقُ الموتَ شيءٌ . . . نَغَّصَ الموتُ ذا الغنى والْفَقيرا{[3414]}

وما جرى مجراه ، وقاله الزجّاج ، وحكي أن العرب تفعل ذلك إرادة تفخيم الكلام والتنبيه على عظم المعنى .

قال القاضي أبو محمد : والآية تشبه البيت في قصد فخامة النظم ، وتفارقه من حيث الآية جملتان مفترقتان في المعنى ، فلو تكررت جمل كثيرة على هذا الحد لحسن فيها كلها إظهار الاسم ، وليس التعرض بالضمير في ذلك بعرف ، وأما البيت وما أشبهه فالضمير فيه هو العرف ، إذ الكلام في معنى واحد ، ولا يجوز إظهار الاسم إلا في المعاني الفخمة في النفوس من التي يؤمن فيها اللبس على السامع ، وقرأ بعض السبعة ، «تَرجع الأمور » بفتح التاء على بناء الفعل للفاعل ، وقد تقدم ذكر ذلك .


[3414]:- البيت لعدي بن زيد. وقوله: لا أدري الموت يسبقه شيء، أي لا يفوت الموت شيء وقوله: نغص الموت... يريد: نغص الموت عيش ذي الغنى والفقر، يعني أن خوف الغني من الموت ينغص عليه الالتذاذ بالغنى والسرور به، وخوف الفقير من الموت ينغص عليه السعي في التماس الغنى. "خزانة الأدب 1/183"