اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ} (109)

108

وقوله : { وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ } يدل على كونه خالقاً لأفعالِ العبادِ ؛ لأن أفعالَ العبادِ من جملة ما في السماوات وما في الأرض .

وأجاب الجبائي : بأن قوله : " ولله " إضافة ملك ، لا إضافة فعل ، ألا ترى أنه يقال : هذا البناء لفلان . ويريدون أنه مملوكه ، لا أنه مفعوله ، وأيضاً فالمقصود من الآية تعظيم الله - تعالى - لنفسه ، وتَمدُّحه لإلهية نفسه ، ولا يجوز أن يتمدح بأن ينسب إلى نفسه الأفعال القبيحة ، وأيضاً فقوله : { مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ } ، إنما يتناول ما كان مظروفاً في السماوات والأرض ، وذلك من صفات الأجسام ، لا مِنْ صفات الأفعال التي هي أعراض .

وأجيب بأن هذه إضافة الفعل ؛ لأن القادر على الحَسَن والقبيح ، لا يرجح الحَسَن على القبيح إذا حصل في قلبه ما يدعوه إلى الفعل الحَسَن ، وتلك الداعية حاصلة بتخليق الله - تعالى - دَفْعاً للتسلسل ، ولمَّا كان المؤثِّر في حصول فعل العبد هي مجموع القدرة والداعية بخلق الله - تعالى - ثبت أن فعل العبد مخلوق لله تعالى .

وقوله : { وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ } المراد منه رجوع الخلق إلى حُكمه وقضائه ، لا لحكم غيره .