غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ} (109)

102

واحتجت الأشاعرة بقوله : { ولله ما في السماوات وما في الأرض } على أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى لأنها من جملة ما في السماوات وما في الأرض . أجابت المعتزلة بأن قوله : { لله } إضافة ملك لا إضافة فعل كما يقال : هذا البناء لفلان . يراد أنه مملوكه لا أنه مفعوله . وأيضاً الآية مسوقة في معرض المدح ولا مدح في نسبة الفواحش والقبائح إلى نفسه . وأيضاً قوله : { ما في السماوات وما في الأرض } يتناول ما كان مظروفاً لهما وذلك من صفات الأجسام لا من صفات الأفعال التي هي أعراض ، والداعية المنتهية إلى تخليق الله دفعاً للتسلسل أو الترجيح من غير مرجح ، قالت الحكماء : تقديم السماوات في الذكر على الأرض دليل على أن جميع الأحوال الأرضية مستندة إلى الأسباب السموية ، ولا شك أن الأحوال السموية مستندة إلى خلقه وتكوينه تعالى فيكون الجبر أيضاً لازماً من هذا الوجه . { وإلى الله } أي إلى حيث لا مالك سواه { ترجع الأمور } فالأول إشارة إلى أنه تعالى مبدأ المخلوقات كلها ، وهذا إشارة إلى أن معاد الكل إليه .

/خ111