المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم مِّن دُونِهِۦ فَلَا يَمۡلِكُونَ كَشۡفَ ٱلضُّرِّ عَنكُمۡ وَلَا تَحۡوِيلًا} (56)

56- قل لهؤلاء الذين يعبدون المخلوقين ، ويزعمونهم آلهة من دون الله : ادعوا من تعبدونه إذا نزلت بكم شدة ، أو خفتم نزولها ، وسلوهم في شأنها ، فلن تجدوا منهم كشفاً لضركم ، ولا تحويلا له عنكم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم مِّن دُونِهِۦ فَلَا يَمۡلِكُونَ كَشۡفَ ٱلضُّرِّ عَنكُمۡ وَلَا تَحۡوِيلًا} (56)

{ 56-57 } { قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا }

يقول تعالى : { قُلْ } للمشركين بالله الذين اتخذوا من دونه أندادا يعبدونهم كما يعبدون الله ويدعونهم كما يدعونه ملزما لهم بتصحيح ما زعموه واعتقدوه إن كانوا صادقين :

{ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ } آلهة من دون الله فانظروا هل ينفعونكم أو يدفعون عنكم الضر ، فإنهم لا { يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ } من مرض أو فقر أو شدة ونحو ذلك فلا يدفعونه بالكلية ، { وَلَا } يملكون أيضا تحويله من شخص إلى آخر من شدة إلى ما دونها .

فإذا كانوا بهذه الصفة فلأي شيء تدعونهم من دون الله ؟ فإنهم لا كمال لهم ولا فعال نافعة ، فاتخاذهم آلهة نقص في الدين والعقل وسفه في الرأي .

ومن العجب أن السفه عند الاعتياد والممارسة وتلقيه عن الآباء الضالين بالقبول يراه صاحبه هو الرأي : السديد والعقل المفيد .

ويرى إخلاص الدين لله الواحد الأحد الكامل المنعم بجميع النعم الظاهرة والباطنة هو السفه والأمر المتعجب منه كما قال المشركون : { أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم مِّن دُونِهِۦ فَلَا يَمۡلِكُونَ كَشۡفَ ٱلضُّرِّ عَنكُمۡ وَلَا تَحۡوِيلًا} (56)

40

وينتهي هذا الدرس الذي بدأ بنفي فكرة الأبناء والشركاء ، واستطرد إلى تفرد الله سبحانه بالاتجاه إليه ، وتفرده بالعلم والتصرف في مصائر العباد . . ينتهي بتحدي الذين يزعمون الشركاء ، أن يدعوا الآلهة المدعاة إلى كشف الضر عنهم لو شاء الله أن يعذبهم ، أو تحويل العذاب إلى سواهم :

( قل : ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا ) . . فليس أحد بقادر على أن يكشف الضر أو يحوله إلا الله وحده ، المتصرف في أقدار عباده .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم مِّن دُونِهِۦ فَلَا يَمۡلِكُونَ كَشۡفَ ٱلضُّرِّ عَنكُمۡ وَلَا تَحۡوِيلًا} (56)

لم أر لهذه الآية تفسيراً ينثلج له الصدر ، والحيرة بادية على أقوال المفسرين في معناها وانتظام موقعها مع سابقها ، ولا حاجة إلى استقراء كلماتهم . ومرجعها إلى طريقتين في محمل { الذين زعمتم من دونه } إحداهما في « تفسير الطبري » وابن عطية عن ابن مسعود والحسن . وثانيتهما في « تفسير القرطبي » والفخر غير معزوة لقائل .

والذي أرى في تفسيرها أن جملة { قل ادعوا الذين زعمتم من دونه } إلى { تحويلاً } معترضة بين جملة { ولقد فضلنا بعض النبيئين } [ الإسراء : 55 ] وجملة { أولئك الذين يدعون } [ الإسراء : 57 ] . وذلك أنه لما جرى ذكر الأفضلين من الأنبياء في أثناء آية الرد على المشركين مقالتهم في اصطفاء محمد صلى الله عليه وسلم للرسالة واصطفاء أتباعه لولايته ودينه ، وهي آية { وربك أعلم بمن في السماوات والأرض } [ الإسراء : 55 ] إلى آخرها ، جاءت المناسبة لرد مقالة أخرى من مقالاتهم الباطلة وهي اعتذارهم عن عبادة الأصنام بأنهم ما يعبدونهم إلا ليقربوهم إلى الله زلفى ، فجعلوهم عباداً مقربين ووسائل لهم إلى الله ، فلما جرى ذكر المقربين حقاً انتُهزت مناسبة ذكرهم لتكون مخلصاً إلى إبطال ما ادعوه من وسيلة أصنامهم على عادة إرشاد القرآن من اغتنام مناسبات الموعظة ، وذلك من أسلوب الخطباء . فهذه الآية متصلة المعنى بآية { قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلاً } [ الإسراء : 42 ] . فبعد أن أبطل أن يكون مع الله آلهة ببرهان العقل عاد إلى إبطال إلهيتهم المزعومة ببرهان الحسّ . وهو مشاهدة أنها لا تغني عنهم كشف الضر .

فأصل ارتباط الكلام هكذا : { ولقد فضلنا بعض النبيئين على بعض وآتينا داوود زبورا أولئك الذين يدعون يبتغون } الآية . فبمناسبة الثناء عليهم بابتهالهم إلى ربهم ذكر ضد ذلك من دعاء المشركين آلهتهم . وقدم ذلك ، على الكلام الذي أثار المناسبة ، اهتماماً بإبطال فعلهم ليكون إبطاله كالغرض المقصود ويكون ذكر مقابله كالاستدلال على ذلك الغرض . ولعل هذه الآية نزلت في مدة إصابة القحط قريشاً بمكّة ، وهي السبع السنون التي هي دعوة النبي صلى الله عليه وسلم " اللهم اجعلها عليهم سنين كسنين يوسف " وتسلسل الجدال وأخذ بعضه بحُجز بعض حتى انتهى إلى هذه المناسبة .

والمِلْكُ بمعنى الاستطاعة والقدرة كما في قوله : { قل فمن يملك من الله شيئاً } [ المائدة : 17 ] ، وقوله : { قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضراً ولا نفعاً } في سورة [ العقود : 76 ] .

والمقصود من ذلك بيان البون بين الدعاء الحق والدعاء الباطل . ومن نظائر هذا المعنى في القرآن قوله تعالى : { إن وَلِيّي الله الذي نزَّل الكتاب وهو يتولَّى الصالحين والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون } في سورة [ الأعراف : 196 ، 197 ] .

والكشف : مستعار للإزالة .

والتحويل : نقل الشيء من مكان إلى مكان ، أي لا يستطيعون إزالة الضر عن الجميع ولا إزالته عن واحد إلى غيره .