محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم مِّن دُونِهِۦ فَلَا يَمۡلِكُونَ كَشۡفَ ٱلضُّرِّ عَنكُمۡ وَلَا تَحۡوِيلًا} (56)

وقوله تعالى :

/ [ 56 ] { قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا 56 } .

{ قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا * أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه ، إن عذاب ربك كان محذورا } .

أي قل لهؤلاء المشركين ، الذين يعبدون من دون الله من خلقه ، ادعوا من زعمتموهم أربابا وآلهة من دونه ، عند ضر ينزل بكم ، وانظروا هل يقدرون على دفع ذلك عنكم أو تحويله عنكم إلى غيركم ، فتدعونهم آلهة ؟ أي فإنهم لا يقدرون على ذلك ولا يملكونه ، وإنما يملكه ويقدر عليه خالقكم وخالقهم .

روى الطبري{[5399]} عن ابن عباس : أن الآية عني بها قوم مشركون ، كانوا يعبدون المسيح وعزيرا والملائكة . فأخبرهم الله تعالى أن هؤلاء عبيده يرجون رحمته ويخافون عذابه . ويتقربون إليه بالأعمال " . ونظير هذه الآية في النهي عن أن يشرك به تعالى الملائكة والأنبياء ، قوله سبحانه{[5400]} : { ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون * ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا ، / أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون } وفي قوله تعالى : { ويرجون رحمته ويخافون عذابه } إشارة إلى أن العبادة لا تتم إلا بالرجاء والخوف . فبالرجاء تكثر الطاعات وبالخوف تقل السيئات . وقوله تعالى : { محذورا } أي ينبغي أن يحذر منه ويخاف من حلوله . عياذا بالله منه .


[5399]:انظر الصفحة رقم 106 من الجزء الخامس عشر (طبعة الحلبي الثانية).
[5400]:[3 / آل عمران / 79 و 80].