غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم مِّن دُونِهِۦ فَلَا يَمۡلِكُونَ كَشۡفَ ٱلضُّرِّ عَنكُمۡ وَلَا تَحۡوِيلًا} (56)

41

{ قل ادع الذين زعمتم من دونه } وقيل : أراد بالذين زعمتم نفراً من الجن عبدهم ناس من العرب ثم أسلم الجن ولم يشعروا . وإنما خصصت الآية بإحدى هؤلاء الطوائف لأن قوله بعد ذلك { يبتغون إلى ربهم الوسيلة } لا يليق بالجمادات . قال ابن عباس : كل موضع في كتاب الله ورد فيه لفظ الزعم فهم بمعنى الكذب . وتقرير الرد أن المعبود الحق هو الذي قدر على إزالة الضر وتحويله من حال إلى حال أو مكان إلى مكان ، وهذه التي زعمتم أنها آلهية لا تقدر على شيء من ذلك فوجب القطع بأنها ليست بآلهة . سؤال : ما الدليل على أن الملائكة لا قدرة لها على كشف الضر ؟ فإن قلتم لأنا نرى أولئك الكفار كانوا يتضرعون إليها ولا تحصل الإجابة قلنا : إن المسلمين أيضاً يتضرعون إلى الله ولا يجابون ، وبتقدير الإجابة في بعض الأوقات فالكفار أيضاً يحصل مطلوبهم أحياناً فيقولون إنه من الملائكة . جوابه أن الملائكة مقرّون بأن الإله الأعظم خالق العالم ، فكمال قدرته معلوم متفق عليه وكمال قدرة الملائكة غير معلوم ولا متفق عليه ، بل المتفق عليه أن قدرتهم بالنسبة إلى قدرة الله قليلة حقيرة ، وإذا كان كذلك وجب أن يكون الاشتغال بعبادة الإله الأعظم أولى وأجدر أخذاً بالمعلوم المتيقن دون المظنون الموهوم . على أن أهل السنة قاطعون بأنه لا تأثير لشيء في الوجود إلا لله تعالى . يقول مؤلف هذا التفسير : أضعف عباد الله تعالى وأحوجهم إليه الحسن بن محمد المشتهر بنظام النيسابوري نظم الله أحواله في أولاه وأخراه . رأيت في بعض الكتب مروياً عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه : من وقع في ملمة أو طلب كفاية مهم فليسجد في خلوة وليقل في سجدته إلهي أنت الذي قلت : { قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلاً } فيا من يملك كشف الضر عنا وتحويله اكشف ما بي ، فإنه إذا قال ذلك كشف الله عنه ضره وكفى مهمه . وقد جرب فوجد كذلك .

/خ60