المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ أَن لَّمۡ يَكُن رَّبُّكَ مُهۡلِكَ ٱلۡقُرَىٰ بِظُلۡمٖ وَأَهۡلُهَا غَٰفِلُونَ} (131)

131- وإن إرسال الرسل منذرين مبينين إنما كان لأن ربك - أيها النبي - لا يهلك القرى بظلمهم وأهلها غافلون عن الحق ، بل لا بد أن يبيّن لهم وينذرهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ أَن لَّمۡ يَكُن رَّبُّكَ مُهۡلِكَ ٱلۡقُرَىٰ بِظُلۡمٖ وَأَهۡلُهَا غَٰفِلُونَ} (131)

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ أَن لَّمۡ يَكُن رَّبُّكَ مُهۡلِكَ ٱلۡقُرَىٰ بِظُلۡمٖ وَأَهۡلُهَا غَٰفِلُونَ} (131)

128

وعلى ختام المشهد يلتفت السياق بالخطاب إلى رسول الله [ ص ] ومن وراءه من المؤمنين ؛ وإلى الناس أجمعين ؛ ليعقب على هذا الحكم الصادر بجزاء الشياطين من الإنس والجن ؛ وبإحالة هذا الحشد الحاشد إلى النار ؛ وعلى إقرارهم بأن الرسل قد جاءت إليهم ، تقص عليهم آيات الله ، وتنذرهم لقاء يومهم هذا . . ليعقب على هذا المشهد وما كان فيه ، بأن عذاب الله لا ينال أحدا إلا بعد الإنذار ؛ وأن الله لا يأخذ العباد بظلمهم [ أي بشركهم ] إلا بعد أن ينبهوا من غفلتهم ؛ وتقص عليهم الآيات ، وينذرهم المنذرون :

( ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى - بظلم - وأهلها غافلون ) . .

لقد اقتضت رحمة الله بالناس ألا يؤاخذهم على الشرك والكفر حتى يرسل إليهم الرسل ، على الرغم مما أودعه فطرتهم من الاتجاه إلى ربها - فقد تضل هذه الفطر - وعلى الرغم مما أعطاهم من قوة العقل والإدراك -

فالعقل قد يضل تحت ضغط الشهوات - وعلى الرغم مما في كتاب الكون المفتوح من آيات - فقد تتعطل أجهزة الاستقبال كلها في الكيان البشري .

لقد ناط بالرسل والرسالات مهمة استنقاذ الفطرة من الركام لا واستنقاذ العقل من الانحراف ، واستنقاذ البصائر والحواس من الانطماس . وجعل العذاب مرهونا بالتكذيب والكفر بعد البلاغ والإنذار .

وهذه الحقيقة كما أنها تصور رحمة الله بهذا الإنسان وفضله ، كذلك تصور قيمة المدارك البشرية من فطرة وعقل ؛ وتقرر أنها - وحدها - لا تعصم من الضلال ، ولا تهدي إلى يقين ، ولا تصبر على ضغط الشهوات . .

ما لم تساندها العقيدة وما لم يضبطها الدين . .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ أَن لَّمۡ يَكُن رَّبُّكَ مُهۡلِكَ ٱلۡقُرَىٰ بِظُلۡمٖ وَأَهۡلُهَا غَٰفِلُونَ} (131)

وقوله تعالى : { ذلك أن لم يكن } الآية ، { ذلك } يصح أن يكون في موضع رفع على الابتداء والخبر محذوف تقديره ذلك الأمر ، ويصح أن يكون في موضع نصب بتقدير فعلنا و { أن } مفعول من أجله و { القرى } المدن ، والمراد أهل القرى ، و { بظلم } يتوجه فيه معنيان ، أحدهما أن الله عز وجل لم يكن ليهلك المدن دون نذارة{[5100]} ، فيكون ظلماً لهم إذا لم ينذرهم ، والله ليس بظلام للعبيد ، والآخر أن الله عز وجل لم يهلك أهل القرى بظلم إذ ظلموا دون أن ينذرهم{[5101]} ، وهذا هو البين القويّ ، وذكر الطبري رحمه الله التأويلين .


[5100]:- النّذارة كالإنذار- قال في القاموس: "والنذير: الإنذار كالنّذارة بالكسر، وهذه عن الإمام الشافعي رضي الله عنه".
[5101]:- الظلم في هذا الوجه الثاني من الكافرين، والمعنى أن الله تعالى لم يكن ليهلك أهل القرى بسبب شرك من أشرك منهم، فهو مثل قوله سبحانه وتعالى: {ولا تزر وازرة وزر أخرى}. وقد قال ابن عطية عن الوجه الثاني إنه هو البين القوي لأن الوجه الأول يوهم أن الله تعالى لو آخذهم قبل بعثة الرسل كان ظالما وليس الأمر كذلك عند أهل السنة والجماعة، لأن سبحانه وتعالى يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد.