المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{كُتِبَ عَلَيۡهِ أَنَّهُۥ مَن تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُۥ يُضِلُّهُۥ وَيَهۡدِيهِ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ} (4)

4- قضى الله أن كل من اتبعه واتخذه ولياً وهادياً أضله عن طريق الحق ، ووجَّهه إلى الباطل المفضي به إلى عذاب النار المسعَّرة المتأججة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{كُتِبَ عَلَيۡهِ أَنَّهُۥ مَن تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُۥ يُضِلُّهُۥ وَيَهۡدِيهِ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ} (4)

{ كُتِبَ عَلَيْهِ } أي : قدر على هذا الشيطان المريد { أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ } أي : اتبعه { فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ } عن الحق ، ويجنبه الصراط المستقيم { وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ } وهذا نائب إبليس حقا ، فإن الله قال عنه { إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ } فهذا الذي يجادل في الله ، قد جمع بين ضلاله بنفسه ، وتصديه إلى إضلال الناس ، وهو متبع ، ومقلد لكل شيطان مريد ، ظلمات بعضها فوق بعض ، ويدخل في هذا ، جمهور أهل الكفر والبدع ، فإن أكثرهم مقلدة ، يجادلون بغير علم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{كُتِبَ عَلَيۡهِ أَنَّهُۥ مَن تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُۥ يُضِلُّهُۥ وَيَهۡدِيهِ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ} (4)

( كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير ) . .

فهو حتم مقدور أن يضل تابعه عن الهدى والصواب ، وأن يقوده إلى عذاب السعير . . ويتهكم التعبير فيسمي قيادته أتباعه إلى عذاب السعير هداية ! ( ويهديه إلى عذاب السعير ) . . فيا لها من هداية هي الضلال المهلك المبيد !

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{كُتِبَ عَلَيۡهِ أَنَّهُۥ مَن تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُۥ يُضِلُّهُۥ وَيَهۡدِيهِ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ} (4)

{ كتب عليه } على الشيطان . { أنه من تولاه } تبعه والضمير للشأن . { فإنه يضله } خبر لمن أو جواب له ، والمعنى كتب عليه إضلال من يتولاه لأنه جبل عليه ، وقرئ بالفتح على تقدير فشأنه أنه يضله لا على العطف فإنه يكون بعد تمام الكلام . وقرئ بالكسر في الموضعين على حكاية المكتوب أو إضمار القول أو تضمين الكتب معناه . { ويهديه إلى عذاب السعير } بالحمل على ما يؤدي إليه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{كُتِبَ عَلَيۡهِ أَنَّهُۥ مَن تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُۥ يُضِلُّهُۥ وَيَهۡدِيهِ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ} (4)

جملة { كتب عليه أنه من تولاه } إلى آخرها صفة ثانية ل { شيطان مريد } [ الحج : 3 ] ، فالضمير المجرور عائد إلى { شيطان . وكذلك الضمائر في أنه من تولاه فأنه } .

وأما الضميران البارزان في قوله { يضله ويهديه إلى عذاب السعير } فعائدان إلى ( مَن ) الموصولة ، أي يضل الشيطان مُتَوَليه عن الحق ويهدي متوليه إلى عذاب السعير .

واتفقت القراءات العشر على قراءة { كُتب } بضم الكاف على أنه مبني للنائب . واتفقت أيضاً على فتح الهمزتين من قوله تعالى : { أنه من تولاه فأنه يضله } .

والكتابة مستعارة للثبوت واللزوم ، أي لزمه إضلال متوليه ودلالته على عذاب السعير ، فأطلق على لزوم ذلك فعل { كتب عليه } أي وجب عليه ، فقد شاع أن العقد إذا أريد تحقيق العمل به وعدم الإخلال به كتب في صحيفة . قال الحارث بن حِلّزة :

وهل يَنْقُضُ ما في المهارق الأهْوَاءُ

والضمير في { أنه } عائد إلى { شيطان } [ الحج : 3 ] وليس ضمير شأن لأن جعله ضمير شأن لا يناسب كون الجملة في موقع نائب فاعل { كُتب ، } إذ هي حينئذ في تأويل مصدر وضمير الشأن يتطلب بعده جملة ، والمصدران المنسبكان من قوله { أنه من تولاه } وقوله { فأنه يضله } نائب فعل { كتب } ومفرع عليه بفاء الجَزاء ، أي كتب عليه إضلال من تولاه . والتولي : اتّخاذ ولي ، أي نصير ، أي من استنصر به .

و ( مَن ) موصولة وليست شرطية لأن المعنى على الإخبار الثابِت لا على التعليق بالشرط . وهي مبتدأ ثان ، والضمير المستتر في قوله { تولاه } عائد إلى ( مَن ) الموصولة . والضمير المنصوب البارز عائد إلى { شيطان } [ الحج : 3 ] ، أي أن الذي يتخذ الشيطان ولياً فذلك الشيطان يضله .

والفاء في قوله { فأنه يضله } داخلة على الجملة الواقعة خبراً عن ( من ) الموصولة تشبيهاً لجملة الخبر عن الموصول بجملة الجزاء لشَبَه الموصول بالشرط قصداً لتقوية الإخبار . والمصدر المنسبك من قوله { فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير } في تقدير مبتدأ هو صدر للجملة الواقعة خبراً عن ( مَن ) الموصولة . والتقدير : فإضلاله إياه ودلالته إياه إلى عذاب السعير . وخبر هذا المبتدأ مقدر لأنه حاصل من معنى إسناد فعلَي الإضلال والهداية إلى ضمير المبتدأ . والتقدير : ثابتان .

ويجوز أن تجعل الفاء في قوله { فأنه يضله } فاء تفريع ويجعلَ ما بعدها معطوفاً على { من تولاه } ويكون المعطوف هو المقصود من الإخبار كما هو مقتضى التفريع . والتقدير : كتب عليه ترتب الإضلال منه لمتولّيه وترتب إيصاله متوليَه إلى عذاب السعير .

هذان هما الوجهان في نظم الآية وما عداهما تكلفات .

واعلم أن ما نظمت به الآية هنا لا يجري على نظم قوله تعالى في [ سورة براءة : 63 ] { ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم خالداً فيها } لأن مقتضى فعل العلم غيرُ مَقتضى فعل ( كُتب ) . فلذلك كانت ( مَن ) في قوله من يحادِدِ } شرطية لا محالة وكان الكلام جارياً على اعتبار الشرطية وكان الضمير هنالك في قوله { أنه } ضمير شأن .

ولما كان الضلال مشتهراً في معنى البعد عن الخير والصلاح لم يحتج في هذه الآية إلى ذكر متعلق فعل { يضله } لظهور المعنى .

وذُكِر متعلق فعل { يهديه } وهو { إلى عذاب السعير } لأن تعلقه به غريب إذ الشأن أن يكون الهَدْي إلى ما ينفع لا إلى ما يضر ويعذب .

وفي الجمع بين { يضله ويهديه } محسن الطِباق بالمضادة . وقد عدّ من هذا الفريق الشامل له قوله تعالى : { ومن الناس من يجادل في الله بغير علم } النضر بن الحارث . وقيل نزلت فيه ؛ كان كثير الجدل يقول : الملائكة بنات الله ، والقرآن أساطير الأولين ، والله غير قادر على إحياء أجساد بليت وصارت تراباً . وعُد منهم أيضاً أبو جهل ، وأبيُّ بن خَلف . ومن قال : إن المقصود بقوله { من يجادل } معيناً خص الآية به ، ولا وجه للتخصيص وما هو إلا تخصيص بالسبب .