والمقطع الثاني في هذا القطاع يعرض قضية الألوهية والوحدانية ، في إطار من مشاهدات القوم ، ومن نعم البارىء عليهم ، وهم لا يشكرون :
( أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاماً فهم لها مالكون ? وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون . ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون ? واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون . لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون . فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون ) . .
أو لم يروا ? فآية الله هنا مشهودة منظورة بين أيديهم ، ليست غائبة ولا بعيدة ، ولا غامضة تحتاج إلى تدبرأو تفكير . . إنها هذه الأنعام التي خلقها الله لهم وملكهم إياها .
يذكر تعالى ما أنعم به على خلقه من هذه الأنعام التي سخرها لهم ، { فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ } : قال قتادة : مطيقون{[24863]} أي : جعلهم يقهرونها{[24864]} وهي ذليلة لهم ، لا تمتنع منهم ، بل لو جاء صغير إلى بعير لأناخه ، ولو شاء لأقامه وساقه ، وذاك ذليل منقاد معه . وكذا لو كان القطَارُ مائة بعير أو أكثر ، لسار الجميع بسيرِ صغيرٍ .
القول في تأويل قوله تعالى : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنّا خَلَقْنَا لَهُم مِمّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ أَنْعاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ * وَذَلّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ } .
يقول تعالى ذكره : أوَ لَمْ يَرَ هؤلاء المشركون بالله الاَلهة والأوثانَ أنّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمّا عَمِلَتْ أيْدِينا يقول : مما خلقنا من الخلق أنْعاما وهي المواشي التي خلقها الله لبني آدم ، فسخّرها لهم من الإبل والبقر والغنم فَهُمْ لَهَا مالِكُونَ يقول : فهم لها مصرّفون كيف شاءوا بالقهر منهم لها والضبط ، كما :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : فَهَمُ لَهَا مالِكُونَ : أي ضابطون .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : أوَ لَمْ يَرَوْا أنّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمّا عَمِلَتْ أيْدِينا أنْعاما فَهُمْ لَهَا مالِكُونَ فقيل له : أهي الإبل ؟ فقال : نعم ، قال : والبقر من الأنعام ، وليست بداخلة في هذه الاَية ، قال : والإبل والبقر والغنم من الأنعام ، وقرأ : ثَمانِيَةَ أزْوَاجٍ قال : والبقر والإبل هي النعم ، وليست تدخل الشاء في النعم .
{ أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا } مما تولينا إحداثه ولم يقدر على إحداثه غيرنا ، وذكر الأيدي وإسناد العمل إليها استعارة تفيد مبالغة في الاختصاص ، والتفرد بالإحداث { أنعاما } خصها بالذكر لما فيها بدائع الفطرة وكثرة المنافع . { فهم لها مالكون } متملكون لها بتمليكنا إياها ، أو متمكنون من ضبطها والتصرف فيها بتسخيرنا إياها لهم قال :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.