التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا خَلَقۡنَا لَهُم مِّمَّا عَمِلَتۡ أَيۡدِينَآ أَنۡعَٰمٗا فَهُمۡ لَهَا مَٰلِكُونَ} (71)

ثم ذكر - سبحانه - المشركين ببعض النعم التى أسبغها عليهم ، والتى يرونها بأعينهم ، ويعلمونها بعقولهم ، وسلّى النبى صلى الله عليه وسلم عما لقيه منهم ، فقال - تعالى - :

{ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ . . . } .

الاستفهام فى قوله - تعالى - : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ أَنْعاماً . . . } للإِنكار والتعجب من أحوال هؤلاء المشركين ، والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام .

والأنعام : جمع نعم : وهى الإِبل والبقر والغنم .

والمعنى : أعمى هؤلاء المشركون عن مظاهر قدرتنا ، ولم يروا بأعينهم ، ولم يعلموا بعقولهم . أنا خلقنا لهم مما عملته أدينا . وصنعته قدرتنا . أنعاماً كثيرة هم لها مالكون يتصرفون فيها تصرف المالك فى ملكه .

وأسند - سبحانه - العمل إلى الأيدى ، للإِشارة إلى أن خلق هذه الأنعام كان بقدرته - تعالى - وحده دون أن يشاركه فى ذلك مشارك ، أو يعاونه معاون . كما يقول القائل : هذا الشئ فعلته بيدى وحدى ، للدلالة على تفرده بفعله .

والتعبير بقوله - تعالى - { لهم } للإِشعار بأن خلق هذه الأنعام إنما حدث لمنفعتهم ومصلحتهم .

و { ما } فى قوله { مِمَّا عَمِلَتْ } موصولة . والعائد محذوف . أى : مما علمته أيدينا .

وقوله : { فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ } بيان لإِحدى المنافع المترتبة على خلق هذه الأنعام لهم