فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا خَلَقۡنَا لَهُم مِّمَّا عَمِلَتۡ أَيۡدِينَآ أَنۡعَٰمٗا فَهُمۡ لَهَا مَٰلِكُونَ} (71)

ثم ذكر سبحانه قدرته العظيمة ، وإنعامه على عبيده ، وجحد الكفار لنعمه ، فقال : { أَوَ لَمْ يَرَوْاْ أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أنعاما } والهمزة للإنكار ، والتعجيب من حالهم ، والواو للعطف على مقدّر كما في نظائره ، والرؤية هي القلبية : أي أولم يعلموا بالتفكر والاعتبار { أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم } أي لأجلهم { مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا } أي مما أبدعناه ، وعملناه من غير واسطة ولا شركة ، وإسناد العمل إلى الأيدي مبالغة في الاختصاص ، والتفرّد بالخلق كما يقول الواحد منا : عملته بيدي للدلالة على تفرّده بعمله ، " وما " بمعنى : الذي ، وحذف العائد لطول الصلة ، ويجوز أن تكون مصدرية ، والأنعام جمع نعم ، وهي : البقر ، والغنم ، والإبل ، وقد سبق تحقيق الكلام فيها . ثم ذكر سبحانه المنافع المترتبة على خلق الأنعام ، فقال : { فَهُمْ لَهَا مالكون } أي ضابطون قاهرون يتصرفون بها كيف شاءوا ، ولو خلقناها وحشية لنفرت عنهم ، ولم يقدروا على ضبطها ، ويجوز أن يكون المراد : أنها صارت في أملاكهم ، ومعدودة من جملة أموالهم المنسوبة إليهم نسبة الملك .

/خ83