البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا خَلَقۡنَا لَهُم مِّمَّا عَمِلَتۡ أَيۡدِينَآ أَنۡعَٰمٗا فَهُمۡ لَهَا مَٰلِكُونَ} (71)

{ أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون } الإخبار وتنبيه الاستفهام لقريش ، وإعراضها عن عبادة الله ، وعكوفها على عبادة الأصنام .

ولما كانت الأشياء المصنوعة لا يباشرها البشر إلا باليد ، عبر لهم بما يقرب من أفهامهم بقوله : { مما عملت أيدينا } : أي مما تولينا عمله ، ولا يمكن لغيرنا أن يعمله .

فبقدرتنا وإرداتنا برزت هذه الأشياء ، لم يشركنا فيها أحد ، والباري تعالى منزه عن اليد التى هي الجارحة ، وعن كل ما اقتضى التشبيه بالمحدثات .

وذكر الأنعام لها لأنها كانت جل أموالهم ، ونبه على ما يجعل لهم من منافعها .

{ لها مالكون } : أي ملكناها إياهم ، فهم متصرفون فيها تصرف الملاك ، مختصون بالانتفاع بها ، أو { مالكون } : ضابطون لها قاهرونها ، من قوله :

أصبحت لا أحمل السلاح ولا *** أملك رأس البعير إن نفرا

أي : لا أضبطه ، وهو من جملة النعم الظاهرة .