{ 29 - 30 } { إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ }
{ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ } أي : يتبعونه في أوامره فيمتثلونها ، وفي نواهيه فيتركونها ، وفي أخباره ، فيصدقونها ويعتقدونها ، ولا يقدمون عليه ما خالفه من الأقوال ، ويتلون أيضا ألفاظه ، بدراسته ، ومعانيه ، بتتبعها واستخراجها .
ثم خص من التلاوة بعد ما عم ، الصلاة التي هي عماد الدين ، ونور المسلمين ، وميزان الإيمان ، وعلامة صدق الإسلام ، والنفقة على الأقارب والمساكين واليتامى وغيرهم ، من الزكاة والكفارات والنذور والصدقات . { سِرًّا وَعَلَانِيَةً } في جميع الأوقات .
{ يَرْجُونَ } [ بذلك ] { تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ } أي : لن تكسد وتفسد ، بل تجارة ، هي أجل التجارات وأعلاها وأفضلها ، ألا وهي رضا ربهم ، والفوز بجزيل ثوابه ، والنجاة من سخطه وعقابه ، وهذا فيه أنهم يخلصون{[745]} بأعمالهم ، وأنهم لا يرجون بها من المقاصد السيئة والنيات الفاسدة شيئا .
ومن كتاب الكون ينتقل الحديث إلى الكتاب المنزل ، والذين يتلونه ، وما يرجون من تلاوته ، وما ينتظرهم من جزاء :
( إن الذين يتلون كتاب الله ، وأقاموا الصلاة ، وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية ، يرجون تجارة لن تبور . ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله . إنه غفور شكور ) . .
وتلاوة كتاب الله تعني شيئاً آخر غير المرور بكلماته بصوت أو بغير صوت . تعني تلاوته عن تدبر ، ينتهي إلى إدراك وتأثر ، وإلى عمل بعد ذلك وسلوك . ومن ثم يتبعها بإقامة الصلاة ، وبالإنفاق سراً وعلانية من رزق الله . ثم رجاؤهم بكل هذا ( تجارة لن تبور . .
القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّ الّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللّهِ وَأَقَامُواْ الصّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لّن تَبُورَ * لِيُوَفّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مّن فَضْلِهِ إِنّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ } .
يقول تعالى ذكره : إن الذين يقرؤون كتاب الله الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم وأقامُوا الصّلاةَ يقول : وأدّوا الصلاة المفروضة لمواقيتها بحدودها . وقال : وأقاموا الصلاة بمعنى : ويقيموا الصلاة . وقوله : وأنْفَقُوا مِمّا رَزَقْناهُمْ سِرّا وَعَلانِيَةً يقول : وتصدّقوا بما أعطيناهم من الأموال سرّا في خفاء ، وعلانية : جهارا . وإنما معنى ذلك أنهم يؤدّون الزكاة المفروضة ، ويتطوّعون أيضا بالصدقة منه بعد أداء الفرض الواجب عليهم فيه . وقوله : يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ يقول تعالى ذكره : يرجون بفعلهم ذلك تجارة لن تبور : لن تكسد ولن تهلك من قولهم : بارت السوق : إذا كسدت وبار الطعام . وقوله : تِجارَةً جواب لأوّل الكلام .
{ إن الذين يتلون كتاب الله } يداومون على قارئته أو متابعة ما فيه حتى صارت سمة لهم وعنوانا ، والمراد بكتاب الله القرآن أو جنس كتب الله فيكون ثناء على المصدقين من الأمم بعد اقتصاص حال المكذبين . { وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية } كيف اتفق من غير قصد إليهما . وقيل السر في المسنونة والعلانية في المفروضة . { يرجون تجارة } تحصيل ثواب الطاعة وهو خبر إن . { لن تبور } لن تكسد ولن تهلك بالخسران صفة للتجارة .
قال مطرف بن عبد الله بن الشخير هذه آية القراء وهذا على أن { يتلون } بمعنى يقرؤون وإن جعلناها بمعنى يتبعون صح معنى الآية{[9724]} ، وكانت في القراء وغيرهم ممن اتصف بأوصاف الآية ، و { كتاب الله } هو القرآن ، وإقامة الصلاة إقامتها بجميع شروطها ، والنفقة هي في الصدقات ووجوه البر ، فالسر من ذلك هو التطوع والعلانية هو المفروض ، و { يرجون } جملة في موضع خبر { إن } ، و { تبور } معناه تكسد ويتعذر ربحها ، ويقال تعوذوا بالله من بوار الأيم{[9725]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.