المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قُلۡ سِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ ثُمَّ ٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُكَذِّبِينَ} (11)

11- قل - أيها النبي - لهؤلاء الكفار : سيروا في جوانب الأرض وتأملوا كيف كان الهلاك نهاية المكذبين لرسلهم فاعتبروا بهذه النهاية وذلك المصير .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُلۡ سِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ ثُمَّ ٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُكَذِّبِينَ} (11)

فإن شككتم في ذلك ، أو ارتبتم ، فسيروا في الأرض ، ثم انظروا ، كيف كان عاقبة المكذبين ، فلن تجدوا إلا قوما مهلكين ، وأمما في المثلات تالفين ، قد أوحشت منهم المنازل ، وعدم من تلك الربوع كل متمتع بالسرور نازل ، أبادهم الملك الجبار ، وكان بناؤهم عبرة لأولي الأبصار . وهذا السير المأمور به ، سير القلوب والأبدان ، الذي يتولد منه الاعتبار . وأما مجرد النظر من غير اعتبار ، فإن ذلك لا يفيد شيئا .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ سِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ ثُمَّ ٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُكَذِّبِينَ} (11)

ومما يستدعي الانتباه ذلك التوجيه القرآني :

( قل : سيروا في الأرض ، ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين ) . .

والسير في الأرض للاستطلاع والتدبر والاعتبار ؛ ولمعرفة سنن الله مرتسمة في الأحداث ، والوقائع ؛ مسجلة في الآثار الشاخصة ، وفي التاريخ المروي في الأحاديث المتداولة حول هذه الآثار في أرضها وقومها . . السير على هذا النحو ، لمثل هذا الهدف ، وبمثل هذا الوعي . . أمور كلها كانت جديدة على العرب ؛ تصور مدى النقلة التي كان المنهج الإسلامي الرباني ينقلهم إليها من جاهليتهم إلى هذا المستوى من الوعي والفكر والنظر والمعرفة .

لقد كانوا يسيرون في الأرض ، ويتنقلون في أرجائها للتجارة والعيش ، وما يتعلق بالعيش من صيد ورعي . . أما أن يسيروا وفق منهج معرفي تربوي . . فهذا كان جديدا عليهم . وكان هذا المنهج الجديد يأخذهم به ؛ وهو يأخذ بأيديهم من سفح الجاهلية ، في الطريق الصاعد ، إلى القمة السامقة التي بلغوا إليها في النهاية .

ولقد كان تفسير التاريخ الإنساني وفق قواعد منهجية كهذة التي كان القرآن يوجه إليها العرب ؛ ووفق سنن مطردة تتحقق آثارها كلما تحققت أسبابها - بإذن الله - ويستطيع الناس ملاحظتها ؛ وبناء تصوراتهم للمقدمات والنتائج عليها ؛ ومعرفة مراحلها وأطوارها . . كان هذا المنهج برمته في تفسير التاريخ شيئا جديدا على العقل البشري كله في ذلك الزمان . إذ كان قصارى ما يروى من التاريخ وما يدون من الأخبار ، مجرد مشاهدات أو روايات عن الأحداث والعادات والناس ؛ لا يربط بينها منهج تحليلي أو تكويني يحدد الترابط بين الأحداث ، كما يحدد الترابط بين المقدمات والنتائج ، وبين المراحل والأطوار . . فجاء المنهج القرآني ينقل البشرية إلى هذا الأفق ؛ ويشرع لهم منهج النظر في أحداث التاريخ الإنساني . وهذا المنهج ليس مرحلة في طرائق الفكر والمعرفة . إنما هو " المنهج " . . هو الذي يملك وحده إعطاء التفسير الصحيح للتاريخ الإنساني .

والذين يأخذهم الدهش والعجب للنقلة الهائلة التي انتقل إليها العرب في خلال ربع قرن من الزمان على عهد الرسالة المحمدية ، وهي فترة لا تكفي إطلاقا لحدوث تطور فجائي في الأوضاع الاقتصادية ، سيرتفع عنهم الدهش ويزول العجب ، لو أنهم حولوا انتباههم من البحث في العوامل الاقتصادية ؛ ليبحثوا عن السر في هذا المنهج الرباني الجديد ، الذي جاءهم به محمد [ ص ] من عند الله العليم الخبير . . ففي هذا المنهج تكمن المعجزة ، وفي هذا المنهج يكمن السر الذي يبحثون عنه طويلا عند الإله الزائف الذي أقامته المادية حديثا . . إله الاقتصاد . .

وإلا فأين هو التحول الاقتصادي المفاجئ في الجزيرة العربية ؛ الذي ينشى ء من التصورات الاعتقادية ونظام الحكم ، ومناهج الفكر ، وقيم الأخلاق ، وآماد المعرفة ، وأوضاع المجتمع ، كل هذا الذي نشأ في ربع قرن من الزمان ؟ !

إن هذه اللفتة :

( قل روا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين ) .

إلى جانب اللفتة التي جاءت في صدر هذه الموجة من قوله تعالى : ( ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم ، وأرسلنا السماء عليهم مدرارا ، وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم ، فأهلكناهم بذنوبهم ، وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين ) . .

إلى جانب أمثالها في هذه السورة وفي القرآن كله لتؤلف جانبا من منهج جديد جدة كاملة على الفكر البشري . وهو منهج باق . ومنهج كذلك فريد . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قُلۡ سِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ ثُمَّ ٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُكَذِّبِينَ} (11)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ قُلْ سِيرُواْ فِي الأرْضِ ثُمّ انْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذّبِينَ } . .

يقول تعالى ذكره : قل يا محمد لهؤلاء العادلين بي الأوثان والأنداد المكَذّبينَ بك الجاحدين حقيقة ما جئتم به من عندي : سِيرُوا فِي الأرْضِ يقول : جولوا في بلاد المكذبين رسلهم الجاحدين آياتي من قبلهم من ضُرَبائهم وأشكالهم من الناس . ثُمّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عاقِبَةُ المْكَذّبِينَ يقول : ثم انظروا كيف أعقبهم تكذيبهم ذلك الهلاك والعطب وخزي الدنيا وعارها ، وما حلّ بهم من سخط الله عليهم من البور وخراب الديار وعفوّ الاَثار . فاعتبروا به ، إن لم تنهكم حلومكم ، ولم تزجركم حجج الله عليكم ، فما أنتم مقيمون عليه من التكذيب ، فاحذروا مثل مصارعهم واتقوا أن يحلّ بكم مثل الذي حلّ بهم . وكان قتادة يقول في ذلك بما :

حدثنا بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : قُلْ سِيرُوا فِي الأرْضِ ثُمّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عاقِبَةُ المْكَذّبِينَ دمر الله عليهم وأهلكهم ثم صيرهم إلى النار .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قُلۡ سِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ ثُمَّ ٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُكَذِّبِينَ} (11)

{ قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين } كيف أهلكهم الله بعذاب الاستئصال كي تعتبروا ، والفرق بينه وبين قوله : { قل سيروا في الأرض فانظروا } أن السير ثمت لأجل النظر ولا كذلك ها هنا ، ولذلك قيل معناه إباحة السير للتجارة وغيرها وإيجاب النظر في آثار الهالكين .