عاقبة الشيء : منتهاه وما آل اليه .
{ قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين } لما ذكر تعالى ما حل بالمكذبين المستهزئين وكان المخاطبون بذلك أمّة أمّية ، لم تدرس الكتب ولم تجالس العلماء فلها أن تظافر في الإخبار بهلاك من أهلك بذنوبهم أمروا بالسير في الأرض ، والنظر فيما حل بالمكذبين ليعتبروا بذلك وتتظافر مع الأخبار الصادق الحس فللرؤية من مزيد الاعتبار ما لا يكون كما قال بعض العصريين :
لطائف معنى في العيان ولم تكن *** لتدرك إلا بالتزاور واللقا
والظاهر أن السير المأمور به ، هو الانتقال من مكان إلى مكان وإن النظر المأمور به ، هو نظر العين وإن الأرض هي ما قرب من بلادهم من ديار الهالكين بذنوبهم كأرض عاد ومدين ومدائن قوم لوط وثمود .
وقال قوم : السير والنظر هنا ليسا حسيين بل هما جولان الفكر والعقل في أحوال من مضى من الأمم التي كذبت رسلها ، ولذلك قال الحسن : سيروا في الأرض لقراءة القرآن أي : اقرؤوا القرآن وانظروا ما آل إليه أمر المكذبين ، واستعارة السير { في الأرض } لقراءة القرآن فيه بعد ، وقال قوم : { الأرض } هنا عام ، لأن في كل قطر منها آثاراً لهالكين وعبراً للناظرين وجاء هنا خاصة { ثم انظروا } بحرف المهلة وفيما سوى ذلك بالفاء التي هي للتعقيب .
وقال الزمخشري : في الفرق جعل النظر متسبباً عن السير فكان السير سبباً للنظر ، ثم قال : فكأنه قيل : { سيروا } لأجل النظر ولا تسيروا سير الغافلين ، وهنا معناه إباحة السير في الأرض للتجارة وغيرها من المنافع ، وإيجاب النظر في آثار الهالكين ونبه على ذلك ب { ثم } لتباعد ما بين الواجب والمباح ، انتهى .
وما ذكره أولاً متناقض لأنه جعل النظر متسبباً عن السير ، فكان السير سبباً للنظر ثم قال : فكأنما قيل : { سيروا } لأجل النظر فجعل السير معلولاً بالنظر فالنظر سبب له فتناقضا ، ودعوى أن الفاء تكون سببية لا دليل عليها وإنما معناها التعقيب فقط وأما مثل ضربت زيداً فبكى وزنى ماعز فرجم ، فالتسبيب فهم من مضمون الجملة لأن الفاء موضوعة له وإنما يفيد تعقيب الضرب بالبكاء وتعقيب الزنا بالرجم فقط ، وعلى تسليم أن الفاء تفيد التسبيب فلم كان السير هنا سير إباحة وفي غيره سير واجب ؟ فيحتاج ذلك إلى فرق بين هذا الموضع وبين تلك المواضع .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.