المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَسَبِّحۡهُ وَأَدۡبَٰرَ ٱلسُّجُودِ} (40)

39 - إذا تبين ذلك ، فاصبر - أيها الرسول - على ما يقول هؤلاء المكذبون من الزور والبهتان في شأن رسالتك ، ونزه خالقك ومربيك عن كل نقص ، حامداً له وقت الفجر ، ووقت العصر ، لعظم العبادة فيهما ، ونزهه في بعض الليل وأعقاب الصلاة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَسَبِّحۡهُ وَأَدۡبَٰرَ ٱلسُّجُودِ} (40)

وفي أوقات الليل ، وأدبار الصلوات . فإن ذكر الله تعالى ، مسل للنفس ، مؤنس لها ، مهون للصبر .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَسَبِّحۡهُ وَأَدۡبَٰرَ ٱلسُّجُودِ} (40)

{ وَمِنَ الليل فَسَبِّحْهُ } - أيضا - ونزهه عن كل مالا يليق به ، { وَأَدْبَارَ السجود } أى : وفى أدبار وأعقاب الصلوات فأكثر من تسبيحه - عز وجل - وتقديسه .

ومن الأحاديث التى وردت فى فضل التسبيح بعد الصلوات المكتوبة ، ما ثبت فى الصحيحين عن أبى هريرة - أنه قال : " " جاء فقراء المهاجرين فقالوا : يا رسول الله ، ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى والنعيم المقيم . فقال : " وما ذاك " ؟ قالوا : يصلون كما نصلى ، ويصومون كما نصوم ، ويتصدقون ولا نتصدق . فقال - صلى الله عليه وسلم - : " أفلا أعلمكم شيئا إذا فعلتموه سبقتم من بعدكم ، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من فعل مثل ما فعلتم ؟ تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين " .

قال : فقالوا : يا رسول الله سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلناه ففعلوا مثله .

فقال - صلى الله عليه وسلم - : " ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء " " .

وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - : { فاصبر على مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشمس وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَآءِ الليل فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النهار لَعَلَّكَ ترضى }

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَسَبِّحۡهُ وَأَدۡبَٰرَ ٱلسُّجُودِ} (40)

وقوله : { وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ } أي : فصل له ، كقوله : { وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا } [ الإسراء : 79 ] .

{ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ } قال ابن أبي نَجِيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : هو التسبيح بعد الصلاة .

ويؤيد هذا ما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة أنه قال : جاء فقراء المهاجرين فقالوا : يا رسول الله ، ذهب أهل الدثور بالدرجات {[27371]} العُلَى والنعيم المقيم . فقال : " وما ذاك ؟ " قالوا : يصلون كما نصلي ، ويصومون كما نصوم ، ويتصدقون ولا نتصدق ، ويعتقون ولا نعتق ! قال : " أفلا أعلمكم شيئًا إذا فعلتموه سبقتم من بعدكم ، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من فعل مثل ما فعلتم ؟ تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين " . قال : فقالوا : يا رسول الله ، سمع إخواننا أهل الأموال {[27372]} بما فعلنا ، ففعلوا مثله . قال : " ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء " {[27373]} .

والقول الثاني : أن المراد بقوله : { وَأَدْبَارَ السُّجُودِ } هما الركعتان بعد المغرب ، روي ذلك عن عمر وعلي ، وابنه الحسن وابن عباس ، وأبي هريرة ، وأبي أمامة ، وبه يقول مجاهد ، وعكرمة ، والشعبي ، والنَّخَعِي والحسن ، وقتادة وغيرهم .

قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع وعبد الرحمن ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عاصم بن ضَمْرَة ، عن علي قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على أثر كل صلاة مكتوبة ركعتين{[27374]} إلا الفجر والعصر . وقال عبد الرحمن : دبر كل صلاة .

ورواه أبو داود والنسائي ، من حديث سفيان الثوري ، به{[27375]} . زاد النسائي : ومطرف ، عن أبي إسحاق ، به {[27376]} .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني ، حدثنا ابن فضيل ، عن رشدين بن كريب ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : بت ليلة عند رسول صلى الله عليه وسلم فصلى ركعتين خفيفتين ، اللتين قبل الفجر . ثم خرج إلى الصلاة فقال : " يا ابن عباس ، ركعتين قبل صلاة الفجر إدبار النجوم ، وركعتين بعد المغرب إدبار السجود " .

ورواه الترمذي عن أبي هشام الرفاعي ، عن محمد بن فضيل ، به {[27377]} . وقال : غريب لا نعرفه إلا ن هذا الوجه .

وحديث ابن عباس ، وأنه بات في بيت خالته ميمونة وصلى تلك الليلة مع النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة ركعة ، ثابت في الصحيحين {[27378]} وغيرهما ، فأما هذه الزيادة فغريبة [ و ] {[27379]} لا تعرف إلا من هذا الوجه ، ورِشْدِين بن كُرَيْب ضعيف ، ولعله من كلام ابن عباس موقوفا عليه ، والله أعلم .


[27371]:- (2) في أ: "بالأجور".
[27372]:- (3) في أ: "الإيمان".
[27373]:- (4) صحيح البخاري برقم (6329) وصحيح مسلم برقم (595).
[27374]:- (5) في م: "ركعتين مكتوبة".
[27375]:- (6) المسند (1/124) وسنن أبي داود برقم (1275) والنسائي في السنن الكبرى برقم (341).
[27376]:- (7) النسائي في السنن الكبرى برقم (346).
[27377]:- (8) سنن الترمذي برقم (3275).
[27378]:- (1) صحيح البخاري برقم (1198) وصحيح مسلم برقم (763).
[27379]:- (2) زيادة من م.
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَسَبِّحۡهُ وَأَدۡبَٰرَ ٱلسُّجُودِ} (40)

{ ومن الليل } هي صلاة العشاءين وقال ابن زيد هي العشاء فقط .

وقال مجاهد : هي صلاة الليل وقوله : { وإدبار السجود } قال عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما وأبو هريرة والحسن والشعبي وإبراهيم ، ومجاهد والأوزاعي : هي الركعتان بعد المغرب وأسنده الطبري عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم{[10572]} كأنه روعي إدبار صلاة النهار كما روعي إدبار النجوم في صلاة الليل ، فقيل هي الركعتان مع الفجر . وروي عن ابن عباس أن { إدبار السجود } : الوتر ، حكاه الثعلبي وقال ابن زيد وابن عباس ايضاً ومجاهد : هي النوافل إثر الصلوات وهذا جار مع لفظ الآية ، وقال بعض العلماء العارفين : هي صلاة الليل ، قال الثعلب : وقال بعض العلماء في قوله : { قبل طلوع الشمس } هي ركعتا الفجر { وقبل الغروب } الركعتان قبل المغرب وقال بعض التابعين : رأيت أصحاب محمد يهبون إليها كما يهبون إلى المكتوبة ، وقال قتادة : ما أدركت أحداً يصلي الركعتين قبل المغرب إلا أنساً وأبا برزة .

وقرأ ابن كثير ونافع وحمزة وابن عباس وأبو جعفر وشيبة وعيسى وشبل وطلحة والأعمش «وإدبار » بكسر الألف وهي مصدر أضيف إليه وقت ، ثم حذف الوقت ، كما قالوا : جئتك مقدم الحاج وخفوق النجم ونحوه ، وقرأ الباقون والحسن والأعرج ، «وأدبار » بفتح الهمزة وهو جمع دبر كطنب وأطناب ، أي وفي «أدبار السجود » أي في أعقابه وقال أوس بن حجر : [ الطويل ]

على دبر الشهر الحرام بأرضنا . . . وما حولها جدب سنون تلمع{[10573]}


[10572]:قال الطبري: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا أبو فضيل، عن رشيد بن كريب، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:(يا ابن عباس، ركعتان بعد المغرب أدبار السجود).
[10573]:لم أجد هذا البيت في الديوان (دار صادر-تحقيق د. محمد يوسف نجم)، ودبر الشهر: آخره، يقال: جئتك دُبُر الشهر وفي دُبُره، والجمع من كل ذلك أدبار. وأرض جدب وجدبة بمعنى مجدبة، والجمع جدوب، وسنت الأرض فهي مسنونة وسنين إذا أُكل نباتها، ويقال: هذه بلاد سَنين أي جدبة، (راجع اللسان) فقد ذكر ذلك، واستشهد عليه بقول الطرماح: بمنخرق تحن الريح فيه حنين الجُلب في البلد السنين يعني: في البلد المحل.