الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَسَبِّحۡهُ وَأَدۡبَٰرَ ٱلسُّجُودِ} (40)

{ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ } يعني صلاة العشائين ، وقال مجاهد : من الليل كلّه ، يعني : صلاة الليل ، في أي وقت صلّى ، { وَأَدْبَارَ السُّجُودِ } قال عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وأبو هريرة والحسن بن علي والحسن البصري والنخعي والشعبي والأوزاعي : أدبار السجود : الركعتان بعد المغرب ، وأدبار النجوم : الركعتان قبل الفجر ، وهي رواية العوفي عن ابن عباس ، وقد روي عنه مرفوعاً أخبرنيه عقيل قال : أخبرنا المعافى ، قال حدثنا ابن جرير ، قال : حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن فضيل عن رشيد بن كريب عن أبيه عن ابن عباس قال : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم

" يا ابن عباس ركعتان بعد المغرب أدبار السجود " .

وقال أنس بن مالك : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من صلّى بعد المغرب ركعتين قبل أن يتكلم كتبت صلاته في عليّين " ، قال أنس : يقرأ في الركعة الأولى :

{ قُلْ يأَيُّهَا الْكَافِرُونَ } [ الكافرون : 1 ] وفي الأخرى :

{ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } [ الصمد :1 ] .

قال مقاتل : وقتهما مالم يغب الشفق ، وقال مجاهد : هو التسبيح باللسان في أدبار الصلوات المكتوبات ، ورواه عن ابن عباس . وقال ابن زيد : هو النوافل أدبار المكتوبات . واختلف القرّاء في قوله : { وَأَدْبَارَ } ، فقرأ الحسن والأعرج وخارجة وأبو عمر ويعقوب وعاصم والكسائي : بفتح الألف ، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم ، وقرأ الآخرون : بالكسر ، وهي قراءة عليّ وابن عباس .

وقال بعض العلماء في قوله سبحانه : { قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ } قال : ركعتي الفجر ، { وَقَبْلَ الْغُرُوبِ } قال : الركعتين قبل المغرب .

روى عمارة بن زاذان عن ثمامة بن عبد الله عن أنس بن مالك قال : كان ذوو الألباب من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يصلّون الركعتين قبل المغرب .

وروى شعبة عن يزيد بن جبير عن خالد بن معدان عن رغبان مولى حبيب بن مسلمة قال : رأيت أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يهبّون إليها كما يهبّون إلى المكتوبة يعني الركعتين قبل المغرب .

وقال قتادة : ما أدركت أحداً يصلّي الركعتين قبل المغرب إلاّ أنس وأبا برزة .