المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَمَا يَذۡكُرُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ هُوَ أَهۡلُ ٱلتَّقۡوَىٰ وَأَهۡلُ ٱلۡمَغۡفِرَةِ} (56)

56- وما يذكرون إلا بمشيئة الله ، هو أهل لأن يُتقى وأهل لأن يَغْفر لمَن اتقاه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَا يَذۡكُرُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ هُوَ أَهۡلُ ٱلتَّقۡوَىٰ وَأَهۡلُ ٱلۡمَغۡفِرَةِ} (56)

{ وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ } فإن مشيئته{[1288]}  نافذة عامة ، لا يخرج عنها حادث قليل ولا كثير ، ففيها رد على القدرية ، الذين لا يدخلون أفعال العباد تحت مشيئة الله ، والجبرية الذين يزعمون أنه ليس للعبد مشيئة ، ولا فعل حقيقة ، وإنما هو مجبور على أفعاله ، فأثبت تعالى للعباد مشيئة حقيقة وفعلا ، وجعل ذلك تابعا لمشيئته ، { هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ } أي : هو أهل أن يتقى ويعبد ، لأنه الإله الذي لا تنبغي العبادة إلا له ، وأهل أن يغفر لمن اتقاه واتبع رضاه . تم تفسير سورة المدثر ولله الحمد{[1289]} .


[1288]:- في ب: فإن مشيئة الله.
[1289]:- في ب: تمت ولله الحمد والمنة.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَا يَذۡكُرُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ هُوَ أَهۡلُ ٱلتَّقۡوَىٰ وَأَهۡلُ ٱلۡمَغۡفِرَةِ} (56)

ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة بما يدل على نفاذ مشيئته وإرادته فقال : { وَمَا يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ الله هُوَ أَهْلُ التقوى وَأَهْلُ المغفرة } .

أى : فمن شاء أن يذكر القرآن وما فيه من مواعظ ذكر ذلك ، ولكن هذا التذكر والاعتبار والاتعاظ . لا يتم بمجرد مشيئتكم ، وإنما يتم فى حال مشيئة الله - تعالى - وإرادته ، فهو - سبحانه - أهل التقوى ، أى : هو الحقيق بأن يتقى ويخاف عذابه ، وهو - عز وجل - " أهل المغفرة " أى : هو - وحده - صاحب المغفرة لذنوب عباده ، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون .

فالمقصود من الآية الكريمة ، بيان أن هذا التذكر لمواعظ القرآن ، لا يتم إلا بعد إرادة الله - تعالى - ومشيئة ، لأنه هو الخالق لكل شئ ، وبيان أن مشيئة العباد لا أثر لها إلا إذا كانت موافقة لمشيئة الله ، التى لا يعلمها أحد سواه .

أخرج الإِمام أحمد والترمذى والنسائى وابن ماجة عن أنس " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية { هُوَ أَهْلُ التقوى وَأَهْلُ المغفرة } فقال : قد قال ربكم أنا أهل أن أتقى فلا يجعل معى إله ، فمن اتقانى فلم يجعل معى إلها آخر ، فأنا أهل أن أغفر له " .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمَا يَذۡكُرُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ هُوَ أَهۡلُ ٱلتَّقۡوَىٰ وَأَهۡلُ ٱلۡمَغۡفِرَةِ} (56)

{ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ وَمَا يَذْكُرُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّه } كقوله { وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ } [ الإنسان : 30 ] .

وقوله : { هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ } أي : هو أهل أن يُخاف منه ، وهو أهل أن يَغفر ذنب من تاب إليه وأناب . قاله قتادة .

وقال الإمام أحمد : حدثنا زيد{[29532]} بن الحباب ، أخبرني سهيل - أخو حزم{[29533]} - حدثنا ثابت البناني ، عن أنس بن مالك قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : { هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ } وقال : " قال ربكم : أنا أهل أن أتقى ، فلا يجعل معي إله ، فمن اتقى أن يجعل معي إلها كان أهلا أن أغفر له " .

ورواه الترمذي ، وابن ماجه من حديث زيد بن الحباب ، والنسائي من حديث المعافى بن عمران كلاهما عن سُهَيل بن عبد الله القطعي ، به{[29534]} وقال الترمذي : حسن غريب ، وسهيل ليس بالقوي . ورواه ابن أبي حاتم عن أبيه ، عن هُدْبَة بن خالد ، عن سُهَيل ، به . وهكذا رواه أبو يعلى ، والبَزار ، والبَغَوي ، وغيرهم ، من حديث سُهَيل القُطَعي ، به . {[29535]}

آخر تفسير سوره " المدثر " ولله الحمد والمنة

[ وحسبنا الله ونعم الوكيل ]{[29536]}


[29532]:- (3) في أ: "حدثنا يزيد".
[29533]:- (4) في م: "أخو حمزة".
[29534]:- (5) المسند (3/142)، وسنن الترمذي برقم (3328)، وسنن ابن ماجة برقم (4299)، وتفسير النسائي (2/475).
[29535]:- (6) مسند أبي يعلى (6/66)، ومعالم التنزيل للبغوي (8/276).
[29536]:- (7) زيادة من م.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمَا يَذۡكُرُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ هُوَ أَهۡلُ ٱلتَّقۡوَىٰ وَأَهۡلُ ٱلۡمَغۡفِرَةِ} (56)

وما يذكرون إلا أن يشاء الله ذكرهم أو مشيئتهم كقوله وما تشاءون إلا أن يشاء الله وهو تصريح بأن فعل العبد بمشيئة الله تعالى وقرأ نافع تذكرون بالتاء وقرئ بهما مشددا هو أهل التقوى حقيق بأن يتقى عقابه وأهل المغفرة حقيق بأن يغفر لعباده سيما المتقين منهم .

ختام السورة:

وعن النبي صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة المدثر أعطاه الله عشر حسنات بعدد من صدق بمحمد صلى الله عليه وسلم وكذب به بمكة شرفها الله تعالى .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمَا يَذۡكُرُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ هُوَ أَهۡلُ ٱلتَّقۡوَىٰ وَأَهۡلُ ٱلۡمَغۡفِرَةِ} (56)

ثم أخبر تعالى أن ذكر الإنسان معاده وجريه إلى فلاحه إنما هو كله بمشيئة الله تعالى وليس يكون شيء إلاّ بها ، وقرأ نافع وأهل المدينة وسلام ويعقوب : «تذكرون » بالتاء من فوق ، وقرأ أبو جعفر وعاصم وأبو عمرو والأعمش وطلحة وابن كثير وعيسى والأعرج : «يذكرون » بالياء من تحت ، وروي عن أبي جعفر بالتاء من فوق وشد الذال كأنه تتذكرون فأدغم ، وقوله تعالى : { هو أهل التقوى وأهل المغفرة } خبر جزم معناه : أن الله تعالى أهل بصفاته العلى ونعمه التي لا تحصى ونقمه التي لا تدفع لأن يتقى ويطاع ويحذر عصيانه وخلاف أمره ، وأنه بفضله وكرمه أهل أن يغفر لعباده إذا اتقوه ، وروى أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم فسر هذه الآية فقال : «يقول ربكم جلت قدرته وعظمته : أنا أهل أن أتقى فلا يجعل معي إله غيري ومن اتقى أن يجعل معي إلهاً غيري فأنا أغفر له ، »{[11458]} وقال قتادة : معنى الآية هو أهل أن تتقى محارمه وأهل أن يغفر الذنوب .

نجز تفسير سورة المدثر والحمد لله كثيراً .


[11458]:أخرجه الإمام أحمد، والدارمي، والترمذي، وحسنه، والنسائي، وابن ماجه، والبزار، وأبو يعلى، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عدي وصححه، وابن مردويه، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، وذكر ابن كثير في تفسيره أن البغوي وغيره رواه من حديث سهيل بن عبد الله القطعي به، وذكر أيضا عن الترمذي أنه قال:"حسن غريب وسهيل ليس بالقوي"، وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن دينار قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه، وابن عمر، وابن عباس رضي الله عنهم يقولون: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله: (هو أهل التقوى وأهل المغفرة) قال: (يقول الله: أنا أهل أن أتقى فلا يجعل معي شريك، فإذا اتقيت ولم يجعل معي شريك فأنا أهل أن أغفر ما سوى ذلك).