فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَمَا يَذۡكُرُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ هُوَ أَهۡلُ ٱلتَّقۡوَىٰ وَأَهۡلُ ٱلۡمَغۡفِرَةِ} (56)

{ وما يذكرون إلا أن يشاء الله } .

والله يعلم أنهم متمادون في الضلالة لا محالة كما بين سبحانه في كتابه الحكيم : { إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون . ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم }{[8194]} ، لكن من شاء الله هدايته تذكر ، فالاستثناء مفرغ . .

{ هو أهل التقوى }

هو –تبارك اسمه- أحق أن يتقى ويطاع ويحذر غضبه وجزاء عصيانه

{ وأهل المغفرة ( 56 ) }

كتب على نفسه- تفضلا منه وكرما- أن يغفر لمن رجع إليه وأناب ، ورجا رحمته وعفوه وستره { وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى } {[8195]} .

ختام السورة:

خاتمة :

السور الثنتان والأربعون ( من المزمل إلى الناس ) هذه صرف ربنا فيها القول في أسمائه الحسنى وصفاته القدسية وأفعاله الحكيمة ، وقامت بآياتها الحجة والبرهان على الذين يجادلون في الله بغير سلطان ، كما أثنى الحق جل علاه على الملائكة المكرمين ، وشهد سبحانه- وكفى به شهيدا- بصدق المرسلين ؛ وبشر المتقين ، وأنذر الجاحدين ؛ ووصى بذكره وشكره وحسن عبادته ، والخلق الكريم وجميل الصحبة مع الخلطاء ، والبر والعدل حتى مع الأعداء ، والرشد والدعوة إليه ومجاهدة السفهاء .

فليهتدي السعداء ويزداد الذين آمنوا إيمانا تنزلت آيات مباركات تبين جلال الأسماء والصفات والأفعال الربانية : { رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا }{[1]} ، { الذي له ملك السماوات والأرض والله على كل شيء شهيد }{[2]} { إن بطش ربك لشديد . إنه هو يبدئ ويعيد . وهو الغفور الودود . ذو العرش المجيد . فعال لما يريد }{[3]} ، { سبح اسم ربك الأعلى . الذي خلق فسوى . والذي قدر فهدى . والذي أخرج المرعى . فجعله غثاء أحوى }{[4]} . { . . إنه يعلم الجهر وما يخفى }{[5]} { الذي علم بالقلم .

علم الإنسان ما لم يعلم }{[6]} ، { قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد }{[7]} ، { ملك الناس . إله الناس }{[8]} .

وبينت مع تقديس أسمائه- سبحانه- وصفاته وأفعاله آثار القدرة والحكمة والرحمة ، فأزهقت باطل أهل الجحود والزيغ والغفلة : { إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا . إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا }{[9]} { نحن خلقناهم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا } {[10]} { وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما }{[11]} ؛ { ألم نخلقكم من ماء مهين . فجعلناه في قرار مكين . إلى قدر معلوم . فقدرنا فنعم القادرون }{[12]} . فمن غير الله أوجد الآدميين من العدم ؟ ! ومن جعل نسلهم من أخلاط تخرج من صلب لتستقر في رحم ؟ ! ومن يصور الأجنة في بطون الأمهات ويجعل لها السمع والبصر . ويسبغ عليها النعم ؟ ! إنه مولانا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى .

وفاطر الأرض والسموات- وإنشاؤهما أكبر- بث فيهما وأوجد ما نعلم وما لا نعلم ، وباركهما رزقا للعالمين ، ومتاعا إلى حين : { أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها . رفع سمكها فسواها . وأغطش ليلها وأخرج ضحاها . والأرض بعد ذلك دحاها . أخرج منها ماءها ومرعاها . والجبال أرساها . متاعا لكم ولأنعامكم }{[13]} ، { فلينظر الإنسان إلى طعامه أنا صببنا الماء صبا . ثم شققنا الأرض شقا . فأنبتنا فيها حبا . وعنبا وقضبا . وزيتونا ونخلا . وحدائق غلبا . وفاكهة وأبا . متاعا لكم ولأنعامكم }{[14]} .

وأقسام القرآن ، لعل من المراد بها- والله أعلم- : التذكير بجلال من أتقن هذه الأشياء صنعا ، فالظلمات والنور ، والشمس والقمر ، والليل والنهار كلها من صنع الفاعل المختار ، الواحد القهار : { كلا والقمر . والليل إذ أدبر . والصبح إذا أسفر }{[15]} ، { فلا أقسم بالخنس . الجوار الكنس . والليل إذا عسعس . والصبح إذا تنفس }{[16]} ، { فلا أقسم بالشفق . والليل وما وسق . والقمر إذا اتسق }{[17]} ، { والسماء ذات البروج }{[18]} ، { والسماء والطارق . وما أدراك ما الطارق . النجم الثاقب }{[19]} ، { والفجر . وليال عشر . والشفع والوتر . والليل إذا يسر }{[20]} { والشمس وضحاها . والقمر إذا تلاها . والنهار إذا جلاها . والليل إذا يغشاها . والسماء وما بناها . والأرض وما طحاها }{[21]} ، { والليل إذا يغشى . والنهار إذا تجلى }{[22]} ، { والضحى . والليل إذا سجى }{[23]} ، { والعصر }{[24]} ؛ وكذا القسم بالأماكن : { لا أقسم بهذا البلد }{[25]} ، { والتين والزيتون . وطور سينين . وهذا البد الأمين }{[26]} . وقسم القرآن بالملأ الكرام عليهم السلام وما عهد إليهم به الحكيم العلام يدلنا على اقتدار وسلطان مولانا ذي الجلال والإكرام : { والمرسلات عرفا . فالعاصفات عصفا . والناشرات نشرا . فالفارقات فرقا . فالملقيات ذكرا }{[27]} ، { والنازعات غرقا . والناشطات نشطا . والسابحات سبحا . فالسابقات سبقا . فالمدبرات أمرا }{[28]} .

وعن اليقين بالموت والإحياء ، والحساب والقضاء ، والمصير والجزاء ، بشرت الآيات وذكرت ، وحذرت وأنذرت ، وأقامت الحجة البالغة على المنكرين والغافلين : { فكيف تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا . السماء منفطر به كان وعده مفعولا . إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا }{[29]} ، { إن لدينا أنكالا وجحيما . وطعاما ذا غصة وعذابا أليما . يوم ترجف الأرض والجبال وكانت الجبال كثيبا مهيلا }{[30]} . { . . وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا واستغفروا الله إن الله غفور رحيم }{[31]} ، { فإذا نقر في الناقور . فذلك يومئذ يوم عسير . على الكافرين غير يسير }{[32]} { وما أدراك ما سقر . لا تبقى ولا تذر . لواحة للبشر }{[33]} { إنها لإحدى الكبر . نذيرا للبشر . لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر . كل نفس بما كسبت رهينة . إلا أصحاب اليمين . في جنات يتساءلون . عن المجرمين }{[34]} ، { أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه . بل قادرين على أن نسوي بنانه . بل يريد الإنسان ليفجر أمامه . يسأل أيان يوم القيامة . فإذا برق البصر . وخسف القمر . وجمع الشمس والقمر . يقول الإنسان يومئذ أين المفر . كلا لا وزر . إلى ربك يومئذ المستقر . ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر . بل الإنسان على نفسه بصيرة . ولو ألقى معاذيره }{[35]} ، { كلا بل تحبون العاجلة . وتذرون الآخرة . وجوه يومئذ ناضرة . إلى ربها ناظرة . ووجوه يومئذ باسرة . تظن أن يفعل بها فاقرة . كلا إذا بلغت التراقي . وقيل من راق . وظن أنه الفراق . والتفت الساق بالساق . إلى ربك يومئذ المساق }{[36]} { أيحسب الإنسان أن يترك سدى ، ألم يك نطفة من مني يمنى . ثم كان علقة فخلق فسوى . فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى . أليس ذلك بقادر على أن يحي الموتى }{[37]} ، { إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا . إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا . عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا }{[38]} ، { متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا . ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا . ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا . قوارير من فضة قدروها تقديرا . ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا . عينا فيها تسمى سلسبيلا . ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا . وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا . عاليهم ثياب سندس خضرا واستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا . إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا }{[39]} ، { يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما }{[40]} ، { إن ما توعدون لواقع . فإذا النجوم طمست . وإذا السماء فرجت . وإذا الجبال نسفت . وإذا الرسل أقتت . لأي يوم أجلت . ليوم الفصل . وما أدراك ما يوم الفصل . ويل يومئذ للمكذبين }{[41]} ، { انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون . انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب . لا ظليل ولا يغني من اللهب . إنها ترمي بشرر كالقصر . كأنه جمالت صفر . ويل يومئذ للمكذبين . هذا يوم لا ينطقون . ولا يؤذن لهم فيعتذرون . ويل يومئذ للمكذبين هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين . فإن كان لكم كيد فكيدون . ويل يومئذ للمكذبين . إن المتقين في ظلال وعيون . وفواكه مما يشتهون . كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون . إنا كذلك نجزي المحسنين }{[42]} ، { عم يتساءلون . عن النبأ العظيم . الذي هم فيه مختلفون . كلا سيعلمون . ثم كلا سيعلمون . ألم نجعل الأرض مهادا . والجبال أوتادا . وخلقناكم أزواجا . وجعلنا نومكم سباتا . وجعلنا الليل لباسا . وجعلنا النهار معاشا . وبنينا فوقكم سبعا شدادا . وجعلنا سراجا وهاجا . وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا . لنخرج به حبا ونباتا . وجنات ألفافا . إن يوم الفصل كان ميقاتا . يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا . وفتحت السماء فكانت أبوابا . وسيرت الجبال فكانت سرابا . إن جهنم كانت مرصادا . للطاغين مآبا . لا بثين فيها أحقابا . لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا . إلا حميما وغساقا . جزاء وفاقا . إنهم كانوا لا يرجون حسابا . وكذبوا بآياتنا كذابا . وكل شيء أحصيناه كتابا . فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا . إن المتقين مفازا . حدائق وأعنابا . وكواعب أترابا . وكأسا دهاقا . لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا . جزاء من ربك عطاء حسابا . رب السماوات والأرض وما بينهما الرحمن لا يملكون منه خطابا . يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا . ذلك اليوم الحق فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا . إنا أنذرناكم عذابا قريبا يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا }{[43]} ، { يوم ترجف الراجفة . تتبعها الرادفة . قلوب يومئذ واجفة . أبصارها خاشعة . يقولون أئنا لمردودون في الحافرة . أئذا كنا عظاما نخرة . قالوا تلك إذا كرة خاسرة . فإنما هي زجرة واحدة . فإذا هم بالساهرة }{[44]} ، { فإذا جاءت الطامة الكبرى . يوم يتذكر الإنسان ما سعى . وبرزت الجحيم لمن يرى . فأما من طغى . وآثر الحياة الدنيا . فإن الجحيم هي المأوى . وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى . فإن الجنة هي المأوى . يسألونك عن الساعة أيان مرساها . فيم أنت من ذكراها . إلى ربك منتهاها . إنما أنت منذر من يخشاها . كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها }{[45]} .

في سبع سور متتابعات- من سورة المزمل إلى سورة النازعات- جاءتنا آيات محكمات [ تقارب المائتين ] تثبت الإيمان وتزيده بحياة بعد هذه الأولى ، حياة عظيمة أحوالها ، مفزعة أهوالها ، تجعل الولدان شيبا ، { وينجى الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون }{[46]} . { لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون }{[47]} ؛ وجاءنا فيها البرهان على أن الذي فلق الإصباح ، وجعل الليل والنهار خلفة ، وخلق الإنسان من ماء مهين ، فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى قادر ، على أن يحيى الموتى .

وخوف المهيمن العزيز الجبار ، من سوء المصير وعذاب النار ، فإن سعيرها لا يبقى ولا يذر ، وخزنتها جند رب القوي والقدر ؛ كما دعانا البر الرحيم إلى دار النعيم ، نلقى فيها الثواب الكريم ، والفضل العظيم ، نرزق فيها أهنأ الطعام والشراب ، وآنيتهما صحاف من ذهب وأكواب ، ونكسى فيها أوقر الثياب ؛ وأكرم من كل ذلك نسعد بالنظر إلى مولانا الملك الوهاب .

وعشر سور{[48]} بعد هذه السبع أكثرها{[49]} وعد ووعيد ، وبيان لما يكون يوم القيامة من بلاء شديد ، تكور الشمس ، وتنكدر النجوم ، وتسير الجبال وتنسف ، وتسجر البحار وتشتعل ؛ هذا حين ينفخ في الصور النفخة الأولى ، فيصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ، فإذا نفخ فيه أخرى بعثرت القبور ، وذلك يوم النشور ، حينئذ لا تملك نفس لنفس شيئا ، والأمر يومئذ لله ؛ وربنا يحكم بالحق ، ولا يسوي بين المبطلين وأهل الصدق ، فوجوه المجرمين عليها غبرة ترهقها قترة ، ومقامهم في السعير ، ودعائهم بالثبور والتحسير { فيومئذ لا يعذب عذابه أحد . ولا يوثق وثاقه أحد }{[50]} ، { وجاء ربك والملك صفا صفا . وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى . يقول يا ليتني قدمت لحياتي }{[51]} ، { وجوه يومئذ خاشعة . عاملة ناصبة . تصلى نارا حامية . تسقى من عين آنية . ليس لهم طعام إلا من ضريع . لا يسمن ولا يغني من جوع }{[52]} . { ثم لا يموت فيها ولا يحيا }{[53]} { إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق }{[54]} ، { ويل يومئذ للمكذبين . الذين يكذبون بيوم الدين . وما يكذب به إلا كل معتد أثيم }{[55]} ، { كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون . ثم إنهم لصالوا الجحيم . ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون }{[56]} ، { وإذا الموءودة سئلت . بأي ذنب قتلت . وإذا الصحف نشرت . وإذا السماء كشطت . وإذا الجحيم سعرت . وإذا الجنة أزلفت . علمت نفس ما أحضرت }{[57]} ، { فإذا جاءت الصاخة . يوم يفر المرء من أخيه . وأمه وأبيه . وصاحبته وبنيه . لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه }{[58]} ؛ أما النضرة والسرور ، ورضوان مولانا الغفور الشكور ، فإنه لأهل الإيمان والعمل المبرور : { وجوه يومئذ مسفرة . ضاحكة مستبشرة }{[59]} ، { وإن عليكم لحافظين . كراما كاتبين . يعلمون ما تفعلون . إن الأبرار لفي نعيم }{[60]} ، { وعلى الأرائك ينظرون . تعرف في وجوههم نضرة النعيم . يسقون من رحيق مختوم . ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون . ومزاجه من تسنيم . عينا يشرب بها المقربون }{[61]} . { فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون . على الأرائك ينظرون }{[62]} ، { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ذلك الفوز الكبير }{[63]} ، { قد أفلح من تزكى }{[64]} ، { وجوه يومئذ ناعمة . لسعيها راضية . وفي جنة عالية . لا تسمع فيها لا غية . فيها عين جارية . فيها سرر مرفوعة . وأكواب موضوعة . ونمارق مصفوفة . وزرابي مبثوثة }{[65]} ، { يأيتها النفس المطمئنة . ارجعي إلى ربك راضية مرضية . فادخلي في عبادي وادخلي جنتي }{[66]} ؛ ثم نقرأ بعد ذلك في عشر من السور القصار ، ماذا أعد للكفرة والفجار ، وما يُلقى المؤمنون الأخيار : { إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية . إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية . جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه }{[67]} ؛ { فأنذرتكم نارا تلظى . لا يصلاها إلا الأشقى . الذي كذب وتولى . وسيجنبها الأتقى . الذي يؤتي ماله يتزكى . وما لأحد عنده من نعمة تجزي . إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى . ولسوف يرضي }{[68]} .

وعن الإيمان بجند الله الكرام عليهم السلام بينت آيات محكمات ما عهد به المولى سبحانه إلى طائفة منهم ليكونوا خزنة جهنم- أعاذنا الله منها- : { عليها تسعة عشر . وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر }{[69]} ، وأقسم ربنا بطوائف منهم في آيات خمس هي فواتح سورة [ المرسلات ] ، وخمس أخر هن فواتح سورة [ النازعات ] ، وبين حالهم حين يبعث الخلق { يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمان وقال صوابا }{[70]} ؛ وطائفة عهد ربنا إليهم بصحفه المكرمة ، المرفوعة المطهرة { بأيدي سفرة . كرام بررة }{[71]} ، وملك الوحي جبريل المبلغ عن الملك القدوس { إنه لقول رسول كريم . ذي قوة عند ذي العرش مكين . مطاع ثم أمين }{[72]} ، { وإن عليكم لحافظين . كراما كاتبين . يعلمون ما تفعلون }{[73]} ، { إن كل نفس لما عليها حافظ }{[74]} ، { وجاء ربك والملك صفا صفا }{[75]} ، { سندع الزبانية }{[76]} ، { تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر }{[77]} .

وفي التصديق بما نزل من الكتاب ، ولزوم تلاوته واتباعه ، وفي عاقبة من أعرض عنه جاءت الآيات المحكمات : { . . ورتل القرآن ترتيلا . إنا سنلقى عليك قولا ثقيلا . إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا }{[78]} ، { . . فاقرءوا ما تيسر من القرآن . . }{[79]} { . . فاقرءوا ما تيسر منه . . }11 ، { كلا إنه كان لآياتنا عنيدا . سأرهقه صعودا }{[80]} ، { ثم أدبر واستكبر . فقال إن هذا إلا سحر يؤثر . إن هذا إلا قول البشر . سأصليه سقر }{[81]} { كلا إنه تذكرة . فمن شاء ذكره }{[82]} ، { لا تحرك به لسانك لتعجل به . إن علينا جمعه وقرآنه . فإذا قرأناه فاتبع قرآنه . ثم إن علينا بيانه }{[83]} ، { وإنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا . فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفور ا . واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا . ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا }{[84]} ، { فبأي حديث بعده يؤمنون }{[85]} ، { إنهم كانوا لا يرجون حسابا . وكذبوا بآياتنا كذابا }{[86]} ، { إن هو إلا ذكر للعالمين ، لمن شاء منكم أن يستقيم }{[87]} ، { وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون }{[88]} { بل هو قرآن مجيد . في لوح محفوظ }{[89]} ، { إنه لقول فصل . وما هو بالهزل }{[90]} ، { إن هذا لفي الصحف الأولى . صحف إبراهيم وموسى }{[91]} ، { والذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشأمة }{[92]} ، { اقرأ باسم ربك الذي خلق . خلق الإنسان من علق . اقرأ وربك الأكرم . الذي علم بالقلم . علم الإنسان ما لم يعلم }{[93]} ، { إنا أنزلناه في ليلة القدر }{[94]} ، { رسول من الله يتلو صحفا مطهرة . فيها كتب قيمة }{[95]} .

وعن تصديق النبيين وتأييد الله لهم ولأتباعهم ، وبطشته سبحانه بأعدائهم ، يقول مولانا تقدست أسماؤه : { وذرني والمكذبين أولى النعمة ومهلهم قليلا }{[96]} ، { إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا . فعصى فرعون الرسول فأخذنه أخذا وبيلا }{[97]} ، { يا أيها المدثر . قم فأنذر }{[98]} ، { هل أتاك حديث موسى . إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى . اذهب إلى فرعون إنه طغى . فقل هل لك إلى أن تزكى . وأهديك إلى ربك فتخشى . فأراه الآية الكبرى . فكذب وعصى . ثم أدبر يسعى . فحشر فنادى . فقال أنا ربكم الأعلى . فأخذه الله نكال الآخرة والأولى . إن في ذلك لعبرة لمن يخشى } ، {[99]} { يسألونك عن الساعة أيان مرساها . فيم أنت من ذكراها . إلى ربك منتهاها . إنما أنت منذري من يخشاها }{[100]} ، { وما صاحبكم بمجنون . ولقد رآه بالأفق المبين . وما هو على الغيب بضنين }{[101]} ، { هل أتاك حديث الجنود . فرعون وثمود }{[102]} ، { سنقرئك فلا تنسى }{[103]} ؛ { ونيسرك لليسرى . فذكر إن نفعت الذكرى }{[104]} ؛ { فذكر إنما أنت مذكر . لست عليهم بمسيطر }{[105]} . { ألم تر كيف فعل ربك بعاد . إرم ذات العماد . التي لم يخلق مثلها في البلاد . وثمود الذين جابوا الصخر بالواد . وفرعون ذي الأوتاد . الذين طغوا في البلاد . فأكثروا فيها الفساد . فصب عليهم ربك سوط عذاب ، إن ربك لبالمرصاد }{[106]} ، { كذبت ثمود بطغواها . إذ انبعث أشقاها . فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها . فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها }{[107]} ؛ { ما ودعك ربك وما قلى . وللآخرة خير لك من الأولى . ولسوف يعطيك ربك فترضى }{[108]} ؛ { ورفعنا لك ذكرك }{[109]} ؛ { كلا لا تطعه واسجد واقترب }{[110]} ؛ { إنا أعطيناك الكوثر . فصل لربك وانحر . إن شانئك هو الأبتر }{[111]} ؛ { قل يا أيها الكافرون . لا أعبد ما تعبدون . ولا أنتم عابدون ما أعبد }{[112]} . { إذا جاء نصر الله والفتح . ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا . فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا }{[113]} .

وفي هذه السور المباركة مع الهداية إلى الإيمان الصادق دعوة إلى عبادة الملك القدوس المهيمن ، يؤمر بها النبي صلى الله عليه وسلم ، والأمة له في ذلك تبع ، أو ينادي إليها العباد ، { يا أيها المزمل . قم الليل إلا قليلا }{[114]} ، { ورتل القرآن ترتيلا }{[115]} { واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا } {[116]}{ وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضا حسنا وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا واستغفروا الله إن الله غفور رحيم }{[117]} ، { واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا . ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا }{[118]} ، { سبح اسم ربك الأعلى }{[119]} ، { فذكر إنما أنت مذكر }{[120]} ، { أما بنعمة ربك فحدث }{[121]} ، { فإذا فرغت فانصب . وإلى ربك فارغب }{[122]} ، { . . واسجد واقترب }{[123]} ، { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة }{[124]} ، { . . وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر }{[125]} ، { فليعبدوا رب هذا البيت }{[126]} ، { فصل لربك وانحر }{[127]} ، { فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا }{[128]} ، { قل هو الله أحد }{[129]} ، { قل أعوذ برب الفلق }{[130]} ، { قل أعوذ برب الناس }{[131]} ؛ وتأتي آيات ينهانا ربنا فيها عن أشياء ، فإذا انتهينا كنا من العابدين { ولا تمنن تستكثر }{[132]} ، { . . ولا تطع منهم آثما أو كفورا }{[133]} { فأما اليتيم فلا تقهر . وأما السائل فلا تنهر }{[134]} ؛ وآيات أخر يشكر الله فيها عمل الصالحين ، أو يقبح طغيان الطاغين : { وذرني والمكذبين أولى النعمة ومهلهم قليلا }{[135]} ، { إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدر الله والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القرآن علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله . . } {[136]} ، { إنه فكر وقدر . فقتل كيف قدر . ثم قتل كيف قدر . ثم نظر . ثم عبس وبسر . ثم أدبر واستكبر . فقال إن هذا إلا سحر يؤثر . إن هذا إلا قول البشر }{[137]} { وما سلككم في سقر . قالوا لم نك من المصلين . ولم نك نطعم المسكين . وكنا نخوض مع الخائضين . وكنا نكذب بيوم الدين . حتى أتانا اليقين . فما تنفعهم شفاعة الشافعين فما لهم عن التذكرة معرضين }{[138]} { كلا بل لا يخافون الآخرة }{[139]} ، { أحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه . بلى قادرين على أن نسوي بنانه . بل يريد الإنسان ليفجر أمامه . يسأل أيان يوم القيامة }{[140]} { كلا بل تحبون العاجلة . وتذرون الآخرة }{[141]} ، { فلا صدق ولا صلى . ولكن كذب وتولى . ثم ذهب إلى أهله يتمطى }{[142]} ، { إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا . عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا . يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا . ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا . إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا . إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا }{[143]} ، { إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوم ثقيلا }{[144]} { كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون }{[145]} ، { ويل للمطففين . الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون . وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون . ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون . ليوم عظيم . يوم يقوم الناس لرب العالمين }{[146]} ، { إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين }{[147]} ، { قتل أصحاب الأخدود . النار ذات الوقود . إذ هم عليها قعود . وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود . وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد }{[148]} ، { بل الذين كفروا في تكذيب . والله من ورائهم محيط }{[149]} . { إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا فمهل الكافرين أمهلهم رويدا }{[150]} ، { قد أفلح من تزكى . وذكر اسم ربه فصلى }{[151]} ، أيحسب أن لن يقدر عليه أحد . يقول أهلكت مالا لبدا . أيحسب أن لم يره أحد }{[152]} { قد أفلح من زكاها . وقد خاب من دساها }{[153]} { كلا إن الإنسان ليطغى . أن رآه استغنى }{[154]} { أرأيت الذي ينهى . عبدا إذا صلى . أرأيت إن كان على الهدى . أو آمر بالتقوى . أرأيت إن كذب وتولى . ألم يعلم بأن الله يرى }{[155]} ، { إن الإنسان لربه لكنود . وإنه على ذلك لشهيد . وإنه لحب الخير لشديد }{[156]} ، { ألهاكم التكاثر . حتى زرتم المقابر }{[157]} ، { أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم . ولا يحض على طعام المسكين }{[158]} ، { فلا اقتحم العقبة . وما أدراك ما العقبة فك رقبة . أو إطعام في يوم ذي مسغبة . يتيما ذا مقربة . أو مسكينا ذا متربة . ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة . أولئك أصحاب الميمنة }{[159]} .

وصاكم الملك القدوس في هذه السورة الثنتين والأربعين أن تستيقنوا بالله وجلاله وآلائه ، وبملائكته وكتبه وأنبيائه ، وبالموت والبعث وبحسابه وجزائه ؛ وصاكم أن تذكروه كثيرا ، وتسبحوه ليلا طويلا ، وبكرة وأصيلا ، وتستغفروه وتنيبوا إليه ، وتعبدوه وتتوكلوا عليه ، وأنتم بهذا أهل دينه القيم وأصحاب النعيم والرضوان لديه .

نهى عن الكفر والكبر ، وترك الصلاة ومنع الزكاة ، والافتتان بالعاجلة ، والغفلة عن الحياة الآجلة ؛ نهى عن البغي والفجور ، والتطفيف والتخسير ، واللمز والسخرية والتحقير ؛ وتوعد الطاغين ، والذين يفتنون المؤمنات والمؤمنين ، ويصدون عن سبيل رب العالمين ، ويحرمون اليتامى والمساكين ؛ وسعر الجحيم للمرائين ، والأشحة الممسكين .

وحبب إليكم أن تخلصوا له الدين ، وتقوموا له قانتين ، تفكوا رقاب المستعبدين ، وتبسطوا أيديكم بالبر ، وتحضوا من استطعتم على بذل الخير ، وتتواصوا بالحق وبالصبر .

فاستجيبوا لربكم ، وأوفوا بعده يوف بعهدكم .

ونضرع إلى مولانا خاشعين أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته ، وأن يتقبل عنا أحسن ما عملنا ويتجاوز عن سيئاتنا في أصحاب الجنة وعد الصدق الذين كانوا يوعدون .

وسلام على المرسلين .

والحمد لله رب العالمين .


[1]:- سورة يونس، الآية 24.
[2]:- ما بين العارضتين من روح المعاني.
[3]:- يتعبد.
[4]:- فضمني إلى صدره.
[5]:- سورة الأنعام. من الآية 148.
[6]:- ما بين العارضتين من روح المعاني.
[7]:- قرأ نافع {محفوظ} بالرفع، أي قرآن محفوظ من التبديل والتغيير والزيادة والنقصان؛ ولا ينسخه شيء.
[8]:سورة البقرة. من الآية146.
[9]:قال الأنباري: وشاهد هذا قول الفصيح من الشعر: كادت وكدت وتلك خير إرادة؛ ومعناه: أرادت وأردت؛ وأقدس من ذلك قول الحق جل ذكره: {كذلك كدنا ليوسف) أي أردنا، فإن من تمام الآية المباركة: {ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله).
[10]:سورة النمل. من الآية65.
[11]:سورة الأعراف. من الآية187.
[12]:سورة الزلزلة. الآيتان7، 8.
[13]:سورة التحريم. من الآية7.
[14]:واختار الألوسي ـ رحمه الله ـ أن الخطاب لموسى عليه السلام، والنهي بطريق التهييج والإلهاب.
[15]:سورة الليل. الآية 11.
[16]:ما بين العلامتين [ ] من تفسير القرآن العظيم.
[17]:هو عمدة المفسرين المأثور محمد بن جرير الطبري. صاحب كتاب جامع البيان في تأويل القرآن.
[18]:- سورة الزمر. من الآية 73.
[19]:- سورة الصافات. الآية 103، ومن الآية 104.
[20]:- أخرج أحمد والحاكم وصححه عن عائشة قالت: سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول في بعض صلاته: (اللهم حاسبني حسابا يسيرا؛ فلما انصرف عليه الصلاة والسلام قلت: يا رسول الله! ما الحساب اليسير؟ قال: (أن ينظر في كتابه فيتجاوز له عنه). وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النجوى فقال: (يدني الله عبده المؤمن حتى يضع كنفه عليه ثم يقول: تذكر ذنب كذا يوم كذا؟ تذكر ذنب كذا يوم كذا فيقول العبد: إي ربي. ثم يقول: أتذكر ذنب كذا يوم كذا؟ يقرره بذنوبه، والعبد يقول: أي ربي؛ حتى يرى العبد في نفسه أنه قد هلك، فيقو ل الله تعالى له: فأنا سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم. أما الذين كفروا فيقو ل الأشهاد. هؤلاء الذين كذبوا على ربهم {ألا لعنة الله على الظالمين}. أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
[21]:نقل الحافظ ابن كثير في كتابه: تفسير القرآن العظيم: قال وهب بن منبه: أوحى الله إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له شعياء أن قم في بني إسرائيل فإني سأطلق لسانك بوحي، فقال: يا سماء اسمعي ويا أرض أنصتي، فإن الله يريد أن يقضي شأنا، ويدبر أمرا هو منفذه، إنه يريد أن يحول الريف إلى الفلاة، والآجام في الغيطان، والأنهار في الصحاري، والنعمة في الفقراء، والملك في الرعاة، ويريد أن يبعث أميا من الأميين ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق، لو يمر على السراج لم يطفئه من سكينة، ولو يمشي على القصب اليابس لم يسمع من تحت قدميه، أبعثه بشيرا ونذيرا، لا يقول الخنى، أفتح به أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا، وأسوده بكل أمر جميل، وأهب له كل خلق كريم، وأجعل السكينة لباسه، والبر شعاره، والتقوى ضميره، والحكمة منطقه، والصدق والوفاء طبيعته، والعفو والمعروف خلقه، والحق شريعته، والعدل سيرته، والهدى إمامه، والإسلام ملته، وأحمد اسمه، أهدي به بعد الضلالة، وأعلم به من الجهالة، وأرفع به بعد الخمالة.. وأكثر به بعد القلة، وأغني به العيلة، وأجمع به بعد الفرقة... وأستنقد به من الناس عظيما من الهلكة، وأجعل أمته خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، موحدين مؤمنين، مخلصين مصدقين بما جاءت به الرسل. رواه ابن أبي حاتم.
[22]:سورة يوسف. من الآية 108.
[23]:هو: شهاب الدين محمود الألوسي البغدادي.
[24]:سورة النحل. من الآية 36.
[25]:ذكر لفظ الجلالة الله في القرآن الحكيم قريبا من ألفين وسبعمائة مرة.
[26]:روى أبو جعفر الطبري في تفسيره بسنده عن سعيد بن جبير قال ابن آدم والجن والطير كل منهم أمة على حدة.
[27]:سورة المؤمنين من الآية 28.
[28]:سورة إبراهيم الآية 39.
[29]:سورة النمل من الآية 15.
[30]:سورة الإسراء من الآية 111.
[31]:سورة فاطر من الآية 34.
[32]:سورة يونس من الآية 10.
[33]:عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا رأى ما يعجبه قال " الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات الحمد لله على كل حال" صححه صاحب مجمع الزوائد.
[34]:إذ اسم الفاعل من رحم راحم و جمهور اللغويين على أن كل اسم من فعل عدل به عن أصله تكون التسمية به مدحا و يكون الموصوف به مفضلا على الموصوف بالاسم الذي صيغ على وزن فاعل
[35]:يراجع الجزء الأول هامش الطبري ص 27 طبع المطبعة الأميرية.
[36]:يراجع الجزء الأول ص 104- 105.الطبعة الثالثة دار الكتب المصرية.
[37]:و العبادة في عرف الفقهاء تشتمل ما تعبدنا الله تعالى من أقوال وأفعال تؤدي بطرائقها المشروعة كالذكر والتلاوة والطهارة والصلاة والحج وسائر العبادات وتقابلها في اصطلاح الفقهاء المعاملات.
[38]:سورة الأعراف من الآية 59.
[39]:سورة الأعراف من الآية 65.
[40]:سورة الأعراف من الآية 73.
[41]:سورة الأعراف من الآية 85.
[42]:سورة العنكبوت من الآية 16.
[43]:سورة البقرة من الآية 133.
[44]:سورة يوسف من الآية 40.
[45]:سورة النازعات الآيتان 18-19.
[46]:سورة مريم من الآية 36.
[47]:و يطلق عليه عند البلاغيين وعلماء البيان : الالتفات.
[48]:سورة الإنسان من الآية 21.
[49]:سورة الإنسان من الآية 22.
[50]:سورة مريم من الآية 9.
[51]:سورة البقرة من الآية 28.
[52]:سورة النحل من الآية 78.
[53]:سورة الحجر الآيات 97-98-99.
[54]:سورة هود من الآية 123.
[55]:سورة الملك من الآية 29.
[56]:سورة المزمل الآية 9.
[57]:سورة الإسراء الآية 3.
[58]:سورة ص الآية 45.
[59]:سورة الكهف الآية 1.
[60]:سورة الفرقان الآية 1.
[61]:سورة الإسراء من الآية 1.
[62]:سورة محمد من الآية 17.
[63]:سورة يونس من الآية 9 وبقية الآية {تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم}
[64]:سورة الأعراف من الآية 43. والآية مبدوءة بقوله تعالى {ونزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الأنهار..}
[65]:سورة يس الآيتان 60-61.
[66]:أورد الحافظ إسماعيل بن كثير عن النواس بن سمعان أن رسول الله ص قال: (ضرب الله مثلا صراطا مستقيما، وعلى جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة وعلى باب الصراط داع يقول: يا أيها الناس ادخلوا الصراط جميعا ولا تعوجوا، وداع يدعو من فوق الصراط فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئا من تلك الأبواب قال ويحك، لا تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه، فالصراط الإسلام، والسوران : حدود الله والأبواب المفتحة محارم الله، والداعي على باب الصراط: كتاب الله، وذلك الداعي الذي يدعو فوق الصراط: واعظ الله في قلب كل مسلم).
[67]:سورة النساء من الآية 69.
[68]:سورة المائدة من الآية 60.
[69]:سورة المائدة من الآية 77.
[70]:الحديث رواه البخاري في كتاب الإجارة وتمامه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال انطلق نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم فلدغ سيد ذلك الحي فسعوا له بكل شئ لا ينفعه شئ فقال بعضهم لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعله أن يكون عند بعضهم شئ فَأَتَوْهُم فقالوا يا أيها الرهط إن سيدنا لدغ وسعينا له بكل شئ لا ينفعه فهل عند أحد منكم شئ فقال بعضهم نعم والله إني لأرقى ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلا فصالحوهم على قطيع من الغنم فانطلق يتفل عليه (ينفخ مع ريق قليل) ويقرأ {الحمد لله رب العالمين} فكأنما نشط من عقال فانطلق يمشي وما به قلبة (علة يتقلب من أثرها) قال فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه فقال بعضهم اقسموا فقال الذي رقى لا تفعلوا حتى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم فنذكر له الذي كان فننظر ما يأمرنا فقدموا على رسول الله صلى الله عليه و سلم فذكروا له فقال {وما يدريك أنها رقية} ثم قال{قد أصبتم اقسموا واضربوا لي معكم سهما} فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[71]:ولم يقل أن فيها رقية فدل ذلك على أن السورة بأجمعها رقية كيف لا وهي فاتحة الكتاب المتضمنة لجميع علومه وعلى هذا الرأي صار صاحب "الجامع لأحكام القرآن والمبين لما تضمن من السنة وآوى الفرقان" ومن نحا نحوه.
[72]:وأخرج البيهقي وابن حبان وغيرهما بسند صحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال للرجل المسيء صلاته ".. ثم اصنع ذلك في كل ركعة " ولأنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بها في كل ركعة كما رواه مسلم وقال "صلوا كما رأيتموني أصلي" ثم ظاهر الحديث وجوب قراءتها في سرية وجهرية للمنفرد والمؤتم.
[73]:سقنا هذا الحديث في مستهل تفسيرنا لهذه السورة المباركة.
[74]:نقيضا صوتا.
[75]:أرجح الأقوال على أن المكي ما نزل من القرآن على النبي قبل هجرته مهما كان مكان نزوله و أن المدني من القرآن آياته وسوره ما أوحي به إلى النبي بعد الهجرة أيا ما كان محل نزوله
[76]:كما يرون أن قول سبحانه {صراط الذين أنعمت عليهم} هي الآية السادسة وقوله عز شأنه {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} الآية السابعة. و أما لفظ {آمين} فليس من السورة باتفاق وإنما هو ضراعة إلى الله بمعنى استجب يا ربنا لنا وحقق دعاءنا وسؤالنا.
[77]:هو أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي.
[78]:سورة السجدة الآية 6.
[79]:سورة البقرة من الآية 186.
[80]:سورة يونس من الآية 61.
[81]:الحسن بن محمد ابن حسين القمي النيسابوري.
[82]:سورة الفرقان من الآية 1.
[83]:سورة الرعد الآية 37.
[84]:سورة الشورى من الآية 52.
[85]:سورة الشورى من الآية 52.
[86]:ما بين العارضتين من تفسير غرائب القرآن.
[87]:سورة الرعد من الآية 7.
[88]:سورة الشورى من الآية 52.
[89]:سورة البقرة من الآية 272.
[90]:سورة القصص من الآية 56.
[91]:سورة الأنعام من الآية 125.
[92]:سورة الفتح من الآية 26.
[93]:سورة الحج من الآية 32.
[94]:سأل عمر أبي ابن كعب عن التقوى فقال له أما سلكت طريقا ذا شوك قال ؟ بلى قال فماذا عملت قال شمرت واجتهدت قال فذلك التقوى.
[95]:سورة البقرة الآية 3.
[96]:هو أبو جعفر محمد بن جرير الطبري صاحب تفسير جامع البيان.
[97]:سورة الإسراء من الآية 9.
[98]:نظم بعضهم أثر القرآن فيه فقال: يا بيانا جل عن كل شبيه *** وتعالى عن أساليب العرب وكتابا كلما ارتلت فيه *** خشع القلب لديه واضطرب هو إن رق نسيم نافع *** بشذا الخلد وأنفاس النعيم
[99]:سورة ( ق) من الآية 45.
[100]:سورة يس من الآية 11.
[101]:سورة التوبة من الآية 61.
[102]:سورة يوسف من الآية 17.
[103]:سورة العصر من الآية 3.
[104]:ما بين العارضتين مما أورد ابن كثير
[105]:سورة الإسراء الآيتان 45-46.
[106]:سورة فصلت من الآية 44.
[107]:سورة المائدة من الآية 68.
[108]:أورد صاحب الجامع لأحكام القرآن بحثا مطولا في الصلاة و إقامتها زاد على اثنتي عشرة صفحة.
[109]:سورة المائدة من الآية 16.
[110]:سورة المعارج الآيتان من 19 إلى 26.
[111]:من حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم (إنك ما نفقت من نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في فم امرأتك ) وروى " في في امرأتك" و في حديث شريف آخر (ابدأ بنفسك فتصدق عليها فإن فضل عن نفسك شيء فلزوجك فإن فضل عن زوجك شيء فلولدك، فإن فضل عن ولدك شيء فلأهلك فإن فضل عن أهلك شيء فلذوي قرابتك شيء فهكذا و هكذا) أي أنفق في كل جوانب النفع والخير ما استطعت.
[112]:سورة النساء من الآية 136.
[113]:سورة العنكبوت الآية 46.
[114]:سورة آل عمران الآية 84.
[115]:سورة البقرة الآية 136.
[116]:سورة يوسف من الآية 109
[117]:سورة القصص من الآية 70.
[118]:ما بين العارضتين من روح المعاني، في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني.
[119]:سورة النمل الآية 66.
[120]:سورة الإسراء الآيتان 45-46.
[121]:في المأثور "والله لتموتن كما تنامون ولتبعثن كما تستيقظون ولتحاسبن بما تعملون ولتجزون بالإحسان إحسانا وبالسوء سوءا وإنها لجنة أبدا أو لنار أبدا".
[122]:ما بين العارضتين من جامع البيان... لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري.
[123]:سورة يس. من الآية 11.
[124]:سورة الزمر من الآية 22 و الآية 23.
[125]:سورة الشعراء من الآية 136.
[126]:ما بين العارضتين من الجامع لأحكام القران.
[127]:قال سبحانه الإنكار: (..قلوبهم منكرة وهم مستكبرون) من سورة النحل. من الآية 22 و قال في الحمية: ( إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية..) من سورة الفتح من الآية 26 و قال في الانصراف: ( ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون) من سورة التوبة من الآية 127 و قال في الموت ( أو من كان ميتا فأحييناه..) من سورة الأنعام. من الآية 122 و قال في المرض: { في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا..) من سورة البقرة من الآية 10 و قال في الضيق (..و من يرد أَن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا..) من سورة الأنعام من الآية 125 و قال في الطبع (... وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون) من سورة التوبة من الآية 93 و قال في الختم ( ختم الله على قلوبهم) من سورة البقرة من الآية 7.
[128]:سورة الفرقان من الآية 32
[129]:سورة الشرح الآية 1.
[130]:سورة ق من الآية 37.
[131]:ما بين العالمتين [] مما أورد القرطبي في الجامع لأحكام القرآن وقال الجوارح وإن كانت تابعة للقلب فقد يتأثر القلب وإن كان رئيسها و ملكها بأعمالها للارتباط الذي بين الظاهر و الباطن قال صلى الله عليه و سلم " إن الرجل ليصدق فتنكت في قلبه نكتة بيضاء وعن الرجل ليكذب الكذبة فيسود قلبه" وروى الترمذي و صححه عن أبي هريرة " إن الرجل ليصيب الذنب فيسود قلبه فإن هو تاب صقل قلبه" قال وهو الرين الذي ذكر الله في القرآن في قوله( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون) وقال مجاهد القلب كالكف يقبض منه بكل ذنب إصبع ثم يطبع.
[132]:سورة الأحزاب من الآية 19.
[133]:سورة المنافقون الآية 1.
[134]:سورة المائدة الآية 61.
[135]:سورة التوبة من الآيتين 124- 125.
[136]:سورة الإسراء الآية 82.
[137]:سورة الحاقة الآيات 48- 51.
[138]:سورة الحج من الآية 19 و الآيتان 20- 21.
[139]:سورة الزمر من الآية 60.
[140]:سورة النساء من الآية145.
[141]:سورة الأنعام من الآية 25.
[142]:سورة يونس من الآية 42.
[143]:سورة المائدة من الآية 37.
[144]:روى نحو ذلك عنه أبو جعفر بن جرير الطبري.
[145]:سورة المائدة من الآية 61.
[146]:سورة الشورى من الآية 40.
[147]:سورة البقرة من الآية 194.
[148]:سورة الصف الآية 5.
[149]:يقول صلوات ربنا عليه و سلامه" إذا رأيتم الله عز وجل يعطي العبد العاصي ما يحب و هو مقيم عليه معصية فإنما ذلك منه استدراج" أو كما قال.
[150]:سورة آل عمران من الآية 178.
[151]:سورة المنافقون الآية 3.
[152]:سورة السجدة من الآية 10.
[153]:سورة محمد من الآية 4 و الآيتان 5- 6.
[154]:سورة الجمعة من الآية 5.
[155]:من سورة آل عمران من الآية 119.
[156]:سورة التوبة من الآية 126.
[157]:ما بين العارضتين مما اورد القرطبي.
[158]:من سورة التوبة من الآية 56
[159]:من سورة الحج الآية 11.
[8194]:- سورة يونس. الآيتان 96، 97.
[8195]:- سورة طه. الآية 82.