الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَمَا يَذۡكُرُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ هُوَ أَهۡلُ ٱلتَّقۡوَىٰ وَأَهۡلُ ٱلۡمَغۡفِرَةِ} (56)

- ثم قال : ( وما تذكرون إلا أن يشاء الله ، هو . . . )

أي : وما تذكرون هذا القرآن فتتعظون به [ وتستعملون ] {[71695]} ما فيه إلا أن يشاء الله ذلك ، لأنه لا أحد يقدر على شيء إلا بمشيئة الله وبقدرته {[71696]} .

والتاء في ( تذكرون ) {[71697]} للخطاب . والياء {[71698]} على لفظ الغيبة {[71699]} .

- ثم قال : ( هو أهل التقوى وأهل المغفرة )

أي : الله أهل أن يتقي عباده عقوبته/ على معصيتهم إياه فيسارعوا إلى طاعته واجتناب معصيته ، والله أهل لأن يغفر لمن تاب من ذنوبه وسارع إلى طاعته {[71700]} ( ونزع ) {[71701]} عن معصيته .

روى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في قوله : ( هو أهل التقوى وأهل المغفرة ) ، قال : " يقول ربكم : أنا أهل أن أتقى أن يجعل معي إله غيري ، ومن اتقى أن يجعل معي إلها ( غيري ) {[71702]} فأنا أغفر له {[71703]} " .

قال قتادة : معناه : " هو أهل أن تتقى محارمه وأهل أن يغفر الذنوب " {[71704]} . وسئل طلق بن حبيب {[71705]} عن التقوى : اعمل بطاعة الله ابتغاء وجه الله على نور من الله ، وتجنب {[71706]} معصية الله مخافة عذاب الله على نور من الله .

وروى انس أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن هذه الآية ( هو أهل التقوى وأهل المغفرة ) فقال : " إن الله يقول : أنا أهل أن أتقى {[71707]} فلا يجعل معي شريك . وأنا أهل المغفرة لمن لم يجعل معي شريكا " .

قال أبو محمد رضي الله عنه : وهذا الحديث خير من الدنيا وما فيها ، [ وهو ] {[71708]} من رواية ابن عباس {[71709]} ، حديث صحيح .


[71695]:- م: ويستمعون.
[71696]:- انظر جامع البيان: 29/172.
[71697]:- وهذه قراءة نافع في السبعة : 660 ورسالة ابن غلبون في انفراد القراء ص 180 من مجلة المورد المجلد 16، ع1 1407ﻫ-1987م، والنشر: 2/393. وهي أيضا قراءة يعقوب في المبسوط: 452.
[71698]:- أ: والنا.
[71699]:- أي: يذكرون: وقرأ بذلك باقي السبعة غير نافع وقرأ بها أيضا خلف وأبو جعفر من العشرة ن المبسوط: 452.
[71700]:- أ: طاعة الله.
[71701]:- ساقط من أ.
[71702]:- ساقط من أ.
[71703]:- أخرجه الترمذي في كتاب التفسير، سورة المدثر، ح: 3384. قال الترمذي في رجل من سند هذا الحديث: "وسهيل بن عبد الله القطعي ليس بالقوي في الحديث". وأخرجه أيضا ابن ماجة في كتاب الزهد، باب ما يرجى من رحمة الله يوم القيامة، ح: 4299. وأحمد في المسند: 3/142 و243، والدارمي في كتاب الرقائق باب في تقوى الله 2/302 والحاكم في المستدرك 2/568، كتاب التفسير، سورة المدثر، وصححه وانظر: تفسير ابن كثير: 4/476-77، وفتح القدير: 5/334.
[71704]:- جامع البيان 29/172 ، والدر 8/340.
[71705]:- هو طلق بن حبيب العنزي البصري، روى عن ابن عباس وجابر وعنه طاوس والأعمش، وكان ثقة عابدا، اتهم بالإرجاء (توفي بين 90ﻫ و100ﻫ) طبقات ابن خياط: 210 وصفة الصفوة 3/258 وتهذيب التهذيب 5/31.
[71706]:-أ: ويجتنب.
[71707]:- أ: اذا اتقى.
[71708]:-م: وهذا.
[71709]:- أ: ابن عاتد، وهذا الحديث عن ابن عباس أخرجه ابن مردويه و أخرجه أيضا عن ابن عمر وأبي هريرة انظر فتح القدير: 5/334.