المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{۞وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَآ إِبۡرَٰهِيمَ رُشۡدَهُۥ مِن قَبۡلُ وَكُنَّا بِهِۦ عَٰلِمِينَ} (51)

51- ولقد أعطينا إبراهيم الرشد والتفكير في طلب الحق مخلصاً من قبل موسى وهارون ، وكنا بأحواله وفضائله التي تؤهله لحمل الرسالة عالمين .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَآ إِبۡرَٰهِيمَ رُشۡدَهُۥ مِن قَبۡلُ وَكُنَّا بِهِۦ عَٰلِمِينَ} (51)

{ 51 - 73 ْ } { وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ ْ } إلى آخر هذه القصة ،

وهو قوله : { وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين ْ } لما ذكر تعالى موسى ومحمدا صلى الله عليهما وسلم ، وكتابيهما قال : { وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ ْ } أي : من قبل إرسال موسى ومحمد ونزول كتابيهما ، فأراه الله ملكوت السماوات والأرض ، وأعطاه من الرشد ، الذي كمل به نفسه ، ودعا الناس إليه ، ما لم يؤته أحدا من العالمين ، غير محمد ، وأضاف الرشد إليه ، لكونه رشدا ، بحسب حاله ، وعلو مرتبته ، وإلا فكل مؤمن ، له من الرشد ، بحسب ما معه من الإيمان . { وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ ْ } أي : أعطيناه رشده ، واختصصناه بالرسالة والخلة ، واصطفيناه في الدنيا والآخرة ، لعلمنا أنه أهل لذلك ، وكفء له ، لزكائه وذكائه ، ولهذا ذكر محاجته لقومه ، ونهيهم عن الشرك ، وتكسير الأصنام ، وإلزامهم بالحجة ، فقال : { إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ ْ }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{۞وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَآ إِبۡرَٰهِيمَ رُشۡدَهُۥ مِن قَبۡلُ وَكُنَّا بِهِۦ عَٰلِمِينَ} (51)

ثم تسوق السورة بعد ذلك بشىء من التفصيل قصة إبراهيم - عليه السلام - مع قومه ، وما دار بينه وبينهم من محاورات ومحاولات فتقول : { وَلَقَدْ آتَيْنَآ إِبْرَاهِيمَ . . . } .

قصة إبراهيم - عليه السلام - مع قومه ، قد وردت فى سور متعددة منها : سورة البقرة ، والعنكبوت ، والصافات .

وهنا تحدثنا سورة الأنبياء عن جانب من قوة إيمانه - عليه السلام - ومن سلامة حجته ومن تصميمه على تنفيذ ما يرضى الله - تعالى - بالقول والعمل .

والمراد بالرشد : الهداية إلى الحق والبعد عن ارتكاب ما نهى الله - تعالى - عنه .

والمراد بقوله - تعالى - { مِن قَبْلُ } أى : من قبل أن يكون نبيا .

والمعنى : ولقد آتينا - بفضلنا وإحساننا - إبراهيم - عليه السلام - الرشد إلى الحق ، والهداية إلى الطريق المستقيم ، " من قبل " أى : من قبل النبوة بأن جنبناه ما كان عليه قومه من كفر وضلال .

وقد أكتفى الإمام ابن كثير بهذا المعنى فى قوله - تعالى - { مِن قَبْلُ } فقال : يخبر - تعالى - عن خليله إبراهيم - عليه السلام - ، أنه آتاه رشده من قبل .

أى : من صغره ألهمه الحق والحجة على قومه ، كما قال - تعالى - : { وَتِلْكَ حُجَّتُنَآ آتَيْنَاهَآ إِبْرَاهِيمَ على قَوْمِهِ . . . } ومن المفسرين من يرى أن المقصود بقوله - تعالى - { مِن قَبْلُ } أى : من قبل موسى وهارون ، فقد كان الحديث عنهما قبل ذلك بقليل فى قوله - تعالى - : { وَلَقَدْ آتَيْنَا موسى وَهَارُونَ الفرقان وَضِيَآءً وَذِكْراً لَّلْمُتَّقِينَ . . . } فيكون المعنى : ولقد آتينا إبراهيم رشده وهداه ، ووفقنا للنظر والاستدلال على الحق ، من قبل موسى وهارون ، لأنه يسبقهما فى الزمان .

وقد رجح هذا المعنى الإمام الآلوسى فقال : " ولقد آتينا إبراهيم رشده " .

أى : الرشد اللائق به وبأمثاله من الرسل الكبار ، وهو الرشد الكامل ، أعنى : الاهتداء إلى وجوه الصلاح فى الدين والدنيا . . . " من قبل " أى : من قبل موسى وهارون ، وقيل : من قبل البلوغ . . . والأول مروى عن ابن عباس وابن عمر ، وهو الوجه الأوفق لفظا ومعنى ، أما لفظا فللقرب ، وأما معنى فلأن ذكر الأنبياء - عليهم السلام - للتأسى ، وكان القياس أن يذكر نوح ثم إبراهيم ثم موسى ، لكن روعى فى ذلك ترشيخ التسلى والتأسى ، فقد ذكر موسى ، لأن حاله وما قاساه من قومه . . . أشبه بحال نبينا - صلى الله عليه وسلم - .

ويبدو لنا أن الآية الكريمة تتسع للمعنيين . أى : أن الله - تعالى - قد أعطى إبراهيم رشده ، من قبل النبوة ، ومن قبل موسى وهارون لسبقه لهما فى الزمان .

وقوله : { وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ } بيان لكمال علم الله - تعالى - أى : وكنا به وبأحواله وبسائر شئونه عالمين ، بحيث لا يخفى علينا شىء من أحواله أو من أحوال غيره

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{۞وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَآ إِبۡرَٰهِيمَ رُشۡدَهُۥ مِن قَبۡلُ وَكُنَّا بِهِۦ عَٰلِمِينَ} (51)

48

وبعد الإشارة السريعة إلى موسى وهارون وكتابهما يرتد السياق إلى حلقة كاملة من قصة إبراهيم ، وهو جد العرب الأكبر وباني الكعبة التي يحشدون فيها الأصنام ، ويعكفون عليها بالعبادة ، وهو الذي حطم الأصنام من قبل . والسياق يعرضه هنا وهو يستنكر الشرك ويحطم الأصنام .

والحلقة المعروفة هنا هي حلقة الرسالة . وهي مقسمة إلى مشاهد متتابعة ، بينها فجوات صغيرة . وهي تبدأ بالإشارة إلى ما سبق هداية إبراهيم إلى الرشد . ويعني به الهداية إلى التوحيد . فهذا هو الرشد الأكبر الذي تنصرف إليه لفظة( الرشد )في هذا المقام .

( ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل ، وكنا به عالمين ) . .

آتينا رشده ، وكنا عالمين بحاله وباستعداده لحمل الأمانة التي يحملها المرسلون .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{۞وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَآ إِبۡرَٰهِيمَ رُشۡدَهُۥ مِن قَبۡلُ وَكُنَّا بِهِۦ عَٰلِمِينَ} (51)

يخبر تعالى عن خليله إبراهيم ، عليه السلام ، أنه آتاه رشده من قبل ، أي : من صغره ألهمه الحق والحجة على قومه ، كما قال تعالى : { وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ } [ الأنعام : 83 ] ، وما يذكر من الأخبار عنه{[19665]} في إدخال أبيه له في السرب ، وهو رضيع ، وأنه خرج به بعد أيام ، فنظر إلى الكوكب والمخلوقات ، فتبصر فيها وما قصه كثير من المفسرين وغيرهم - فعامتها أحاديث بني إسرائيل ، فما وافق منها الحق مما بأيدينا عن المعصوم قبلناه لموافقته الصحيح ، وما خالف شيئًا من ذلك رددناه ، وما ليس فيه موافقة ولا مخالفة لا نصدقه ولا نكذبه ، بل نجعله وفقًا ، وما كان من هذا الضرب منها فقد ترخص كثير من السلف في روايتها ، وكثير من ذلك ما لا فائدة فيه ، ولا حاصل له مما ينتفع به في الدين . ولو كانت فيه فائدة تعود على المكلفين في دينهم لبينته هذه الشريعة الكاملة الشاملة . والذي نسلكه{[19666]} في هذا التفسير الإعراض عن كثير من الأحاديث الإسرائيلية ، لما فيها من تضييع الزمان ، ولما اشتمل عليه كثير منها من الكذب المروج عليهم ، فإنهم لا تفرقة{[19667]} عندهم بين صحيحها وسقيمها كما حرره الأئمة الحفاظ المتقنون من هذه الأمة .

والمقصود هاهنا : أن الله تعالى أخبر أنه قد آتى إبراهيم رشده ، من قبل ، أي : من قبل ذلك ، وقوله : { وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ } أي : وكان أهلا لذلك .


[19665]:- في ف : "عنه من الأخبار".
[19666]:- في هـ : "يذكر" والمثبت من ف.
[19667]:- في ف : "لا معرفة".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{۞وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَآ إِبۡرَٰهِيمَ رُشۡدَهُۥ مِن قَبۡلُ وَكُنَّا بِهِۦ عَٰلِمِينَ} (51)

الرشد عام في هدايته إلى رفض الأصنام وفي هدايته في أمر الكوكب والشمس والقمر وغير ذلك من النبوءة فما دونها ، وقال بعضهم معناه وفق للخير صغيراً وهذا كله متقارب ، و { من قبل } معناه من قبل موسى وهارون ، فبهذه الإضافة هو قبل كما هي نسبة نوح منه ، قوله { وكنا به عالمين } مدح ل { إبراهيم } أي بأنه يستحق ما أهل له وهذا نحو قوله تعالى : { الله أعلم حيث يجعل رسالته }{[8239]} [ الأنعام : 124 ] والعامل في { إذ } قوله { آتينا }


[8239]:من الآية (124) من سورة (الأنعام).